للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لأنّ ما وجب بالجنابة سقط بالموت) (١)، وذلك لأنّا قد بيّنا في صدر الكتاب أنّ السّبب الموجب لوجوب الوضوء، والغسل في الحدث، والجنابة هو الصلاة، والحدث، والجنابة شرط الوجوب، فلذلك كلّ من سقطت عنه الصّلاة سقط [عنه] (٢) وجوب الوضوء، والغسل، وقد سقطت عنه الصّلاة [أصلًا] (٣) بالموت، فيسقط وجوب الغسل الذي عند وجود الجنابة لسقوط الموجب، وهو الصّلاة (٤).

[١٦٤/ أ] (والثاني لم يجب) (٥) أي: وغسل الميت الذي يجب على الأحياء بسبب الموت لم يجب عليهم في حق الشهيد لشهادته كالمحدث (٦) إذا استشهد، فإن الحديث الذي يوجب سقوط الغسل في حقّ الشهداء عام، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «زمّلوهم بكُلومهم، ودمائهم من غير فصل بين شهيد، وشهيد» (٧)، فيتناول الجنب، وغيره، ولأنّه شهيد فلا يغسل قياسًا على ما لو لم يكن جنبًا، والفقه فيه أن الاستشهاد أقيم مقام الغسل كالزَّكاة في الشّاة، وذلك؛ لأن/ الميّت إنما ينجس باعتبار احتباس الدماء السيّالة فيه لا بنفس الموت، بدليل أنّ ما لا دم له من الحيوانات لا يتنجس بالموت، والاستشهاد مانع من الاحتباس فلا يغسل (٨).

فإن قلت: إن هذا باطل طردًا، وعكسًا، أما طردًا فلأن المرتث [يُغسل] (٩)، وإن لم يكن فيه احتباس الدماء، وأما عكسًا فلأن المقتول بالصخور، والخشب في الحرب لا يُغسل، وإن لم يوجد إلا دماء؟.

قلت: الاستشهاد إنما عرف مانعًا من نجاسته يتمكن بالموت شرعًا بخلاف القياس [إذ القياس] (١٠) يقتضي التنجس، وإن وجد الإدماء لما أنّ الدماء نجسة فلا يطهر محلها إلا بالغسل، والنصّ ورد في حق من لم يرتث، فلا يقاس عليه المرتث، كما قلنا: إنّ الزَّكاة شرعت مانعة من التنجس لما فيها من الأنهار لكنها لما كانت على خلاف القياس من الوجه الذي قلنا لم يثبت [طهارة اللحم] (١١) بزكاة المجوسي، وبزكاة من ترك التسمية عامدًا (١٢).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٦.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(٦) في (ب): " كالمحرب ".
(٧) أخرجه أحمد في «مسنده» (٥/ ٤٣١ - رقم ٢٣٧٠٧) من حديث عبد الله بن ثعلبة، وقال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح، وإسناده حسن.
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٦.
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) في (ب): " بزكاة ".
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٦.