للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا الجوابُ عن الحديثِ: فإنّ الإمامَ خصّه بهذهِ الدارِ فصاَر كأنَهُ نَقَلَ له هذه الدارَ، وللإمامِ هذه الولاية، ولهذا وَجَبَ الْعُشْرِ، والخراجَ في الأرضِ دونَ الدارِ، والدليلُ على الفرقِ أيضًا أنه لو كانتْ له نخلةٌ في دارِ تغل أكرارًا (١) من تمرٍ لا يجبُ فيها شيءٌ، ولو كانتْ] النخلةُ (٢) في أرضِ عُشّرِيه يجبُ الْعُشْرِ في الثمنِ، فكذلك في حُكْم المعدن، كذا ذكره الإمام الْمَحْبُوبِيّ (٣)،] وله أنّ مِن أجزاءِ الأرضِ قيِل فيه: نوعٌ نظر من حيثُ إنه يجوزُ التيمم بما كانَ مِن الأرضِ، ولا يجوزُ التيمم به إجماعًا، فكيف يكونُ هذا مِن أجزاءِ الأرضِ؟ قِيل له: إنَه أرادَ بقوله: إنهُ مِن أجزاءِ الأرضِ اتصالُه بها اتصالَ خلقهِ ألا ترى أنّ الْمَعَادِنَ تمُلَكُ بالشِّراءِ، كما كانَ يمَلكُ سائرَ أجزاءِ الأرضِ، وقد خلا سائر أجزاءِ الدارِ عن حقّ الله تعالى، فكذا الْمَعَادِنُ، وهذا بخلافِ الكنز؛ لأنّ الاتصالَ بينَ الكنزِ والدارِ، اتصالَ مجُاورةٍ لاتصالُ خِلْقه، ألا ترى أنه لاُ يملكُ بالشِّراء (٤)، كذا في "الفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة " (٥) (٦) وإنْ وجَدَ ركازًا، أي: كنزًا إنما فَسّرهُ بهذا؛ لأِنَ الرِّكَازَ اسمٌ مشتركٌ يُطلق على المعدن وعلى الكنزِ، وأرُيِدَ به الكنزُ هنا؛ لأنُه ذَكَر وجوبَ الخُمس بالاتفاقِ إنما هو في الكنزِ لا في المعدِن، فإنّ وجُوبَ الخُمسِ في المعدنِ الموجودِ في الدارِ على قولهما (٧) لا على قول أبي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وجبَ الخُمس عندهم، أي: عِنْدَنَا، وعند الشَّافِعِي (٨) أيضًا لما روينا كانَ مِن حقِّهِ أن يقولَ لسياقِ ما روينا، وهو قولُه -عليه الصلاة والسلام- فيه «وفي الرِّكَازِ الخمُس» (٩).


(١) الكَرُّ كيل معروف و الجمع (أَكْرَارٌ) مثل قفل و أقفال وهو ستون قفيزا، والمعنى أي يجنى ثمرها.
يُنْظَر: الصِّحَاح (٢/ ٣٦٩)، المصباح المنير (٢/ ٥٣٠)، المُغْرِب (٢/ ٢١٤).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) يُنْظَر: الْبَحْرِ الرَّائِق: (٢/ ٢٥٣).
(٤) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٢٣٦).
(٥) سقطت في (ب).
(٦) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٦٨)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٢١).
(٧) يُنْظَر: النافع الكبير (١/ ١٣٤)، الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٥٣).
(٨) يُنْظَر: الأم (٢/ ٤٣).
(٩) سبق تخريجه ص (١٤٤).