للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكَر فَخْرُ الْإِسْلَام -رحمه الله-: أنّ المؤلفةَ قلوبهُم كانُوا على ثلاثةِ أنواعٍ: نوعٌ كان يتألَفُهم رسولُ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- لِيُسلِمُوا، ويسْلِمَ قومُهم بإسلاِمهم، وَنَوعٌ منِهم أسلَمُوا، ولكن على ضَعْفٍ، فيريدُ تقريَرهم لِضَعفِهم، وَنوْعٌ منِهم لِدَفْعِ شَرِّهِمْ. مثل:] عينيه (١) بن حِصْنِ (٢)، والأقرعُ بنُ حابسِ (٣)، والعباسُ بنُ مُرداسِ (٤)، وكانُوا هؤلاءِ رُؤساءُ قُريشٍ، ولم يكنْ رَسُولُ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- يُعطيِهم خوفًا منِهم، فَإنّ الأنبياءَ عليهِمُ السلامَ لا يخافونَ أحدًا سِوى الله تعالى، وإنمّا أعطاهم خشيةَ أن يكبّهُم اللهُ على وُجوهِهم في نارِ جهنمَ، ثُمَّ صار ذلك منسوخًا بإجماعِ الصحابةِ (٥) في خِلافة أبي بكرٍ لمعرفتهم بالدّاعي إليهِ، وأجمعوا عند زوالِ الداعيِ على سقوطهم (٦)، وذَكَر في "المَبْسُوط" (٧): وقيِل: كانوا وَعَدَوا أن يُسلموا، ثُمَّ قال: فإنْ قيِل: كيف يجوز أن يُقَالَ: بأنهُ يصُرَفُ إليهم وهَمْ كفارٌ؟ قلنا: الجهادُ واجِبٌ على الفقراءِ مِن المسلمينَ، والأغنياء لِدَفْعِ شرِّ المشركينَ، فكان يَدفَعُ إليهم جُزءًا مِن مالِ الفقراء لِدفع ِشرِّهم، وذلك قائِمٌ مَقامَ الجهادِ في ذلك الوقتِ، ثُمَّ سقطَ هذا السهمُ بوفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.


(١) في (ب): (عتبه) ولعل ما أثبته هو الصحيح. يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٢٥٩).
(٢) هو: عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر كنيته أبو مالك الفزاري وقد قيل كنيته أبو عبد الله كانت منه هنة في أيام أبى بكر ثُمَّ أصلحها الله ومات في آخر خلافة عثمان وله عقب كثير وكان ينزل الحمات موضع في البادية وهى أرض عذرة وبلى.
يُنْظَر: (ثقات ابن حبان: ٣/ ٣١٢)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ٧٦٧).
(٣) هو: الأقرع بن حابس التميمي، أبصر النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل الحسن بن على فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدًا منهم، فقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (من لا يرحم لا يرحم). روى عنه أبو هريرة.
(ثقات ابن حبان: ٣/ ١٨)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ١/ ١٠١).
(٤) هو: العباس بن مرداس أبو الهيثُمَّ السلمي، من بني الحارث بن بهثة له صحبة، وهو العباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد بن عبس بن رفاعة، وابنه جاهمة بن العباس يقال: إن له صحبة.
يُنْظَر: ثقات ابن حبان (٣/ ٢٨٨)، الإصابة في تمييز الصحابة (٣/ ٦٣٣)، تقريب التهذيب (ص ٤٨٨).
(٥) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٤٥).
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: ٢/ ٢٥٩.
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: ٣/ ١٥.