للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا قال/ الشعبيُ -رحمه الله- (١)، وُروِيَ أنهم في خِلافِة أبي بكرٍ -رضي الله عنه-، استبدِلوا الحظّ لنصيبهِم فَبَذَلَ لهم، وجاؤَوا إلى عُمرَ -رضي الله عنه-، فاستبدلوا حظّهُ فأَبى، وَمزَّقَ حظّ أبي بكرٍ -رضي الله عنه- وقال: هذا شيءٌ كان يعطيكم رسولُ اللهُ -عليه الصلاة والسلام- تأليفًا لَكُمْ، فأما اليومَ فقد أعزَّ اللهُ الدِّينِ، فإنْ شِئْتُم على الإسلامِ، وإِلاَّ فبيننا وبينكُم السيفُ، فعادوا إلى أبي بكرٍ -رضي الله عنه-، فقالوا: أنت الخليفةَ أمْ عُمر بَذَلْتَ لنا الحظَّ، ومزّقَهُ عُمَر؟] فقال (٢): هو إنْ شاءَ فلمْ يخُالفْه (٣) (٤). وهذا مَروْيٌّ عنْ أبي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٥) وقدْ قِيلَ: على العكسِ (٦) وفائِدةُ هذا الخلافِ (٧) إنما تظهُر في الوَصَايا والأوقافِ، أمّا الزَّكَاةُ فيجوزُ صرْفُها إلى صِنفٍ واحدٍ عِنْدَنَا، فلا يظهرُ هذا الخلافُ، كذا في "المَبْسُوط" (٨).


(١) هو: هو عامر بن شراحيل الشعبي، أصله من حمير، منسوب إلى الشعب شعب همدان، ولد ونشأ بالكوفة، وهو رواية فقيه، من كبار التابعين، اشتهر بحفظه. كان ضئيل الجسم. أخذ عنه أبو حنيفة وغيره. وهو ثقة عند أهل الحديث، اتصل بعبد الملك بن مروان، فكان نديمه وسميره، أرسله سفيرا في سفارة إلى ملك الروم، خرج مع ابن الأشعت فلما قدر عليه الحجاج عفا عنه في قصة مشهورة. مولده سنة عشرين وقد قيل سنة إحدى وعشرين ومات سنة تسع ومائة، وقد قيل: سنة خمس ومائة، ويقال: أربع ومائة على دعابة فيه وقد نيف على الثمانين، وكانت أمه من سبي جلولاء روى عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله -عليه الصلاة والسلام-.
يُنْظَر: ثقات ابن حبان (٥/ ١٨٥)، التاريخ الكبير (٦/ ٤٥٠)، الجرح والتعديل (٦/ ٣٢٢).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ١٦)
(٤) أخرجها الخطيب البغدادي بسنده في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، باب كتب الأحاديث المعادة (٢/ ٣٠٧).
(٥) يُنْظَر: الجوهرة النيرة (١/ ٤٨٨)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٤٢).
(٦) أي بجواز إعطاء الزكاة لمن حدث إسلامه من الكفرة؛ تطييباً لقلبه، وتقريراً له على الإسلام، ويعطى الرؤساء من أهل الحرب؛ إذا كانت لهم عصبة يخاف على المسلمين منهم؛ لأنّ المعنى الذي كان النبي -عليه السلام- يعطي أولئك لأجله، موجود في هؤلاء. يُنْظَر: تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٠٠).
(٧) اختلف أهل العلم في جواز الصرف الزكاة لصنف واحد من فقال بعضهم يجوز للمالك، أو للإمام أن يقتصر على صنف واحد، وهو قول عمر وعلي وابن عباس والثوري مالك وأحمد في ظاهر الرواية.
وقال الشَّافِعِي: تصرف جميع الصدقات كالزكاة، وصدقة الفطر، وخمس الزكاة إلى ثمانية أصناف، ويكون من كل صنف ثلاثة، إِلاَّ العاملين عليها، فإنه يجوز أن يكون العامل واحداً، فإن فرّق زكاته بنفسه، أو بوكيله، سقط نصيب العامل، فيفرّق الباقي على سبعة أصناف، أحد وعشرين نفساً إن وجدوا، حتى لو ترك واحداً منهم ضمن نصيبه، وهو قول عكرمة وداود الظاهري.
يُنْظَر: الْمَجْمُوع (٦/ ١٨٦)، الْمُغْنِي (٢/ ٥٢٨)، الْحَاوِي (٣/ ٣٨٧)، المهذب (١/ ١٧١)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٤٦).
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ١٥، ١٦).