للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وفي الرقاب يُعان المكاتَبون منها) (١)، أي: المُرادُ مِن الرقابِ إعانةُ المكاتبين على أداءِ بَدَلِ الكتابة تصُرفُ الصدقةُ إليهم عِنْدَنَا، وقال مالك -رحمه الله- (٢): المرادُ أنْ يَشري بالصدقةِ عبدًا فيعتقُهُ، وهذا فاسِدٌ؛ لأنّ التمليكَ لاُبَّد منهُ، ومَنْ يأخذْ بائعَ العبدِ عَوضاً عن مُلكِه، والعبدُ يُعتقُ على مُلْكِ المولى، ولا يُوجدُ فيه التمليك (٣).

قوله -رحمه الله- (٤) (هو المنقول) ُ (٥)، أيْ عن رسولِ الله -عليه الصلاة والسلام-، فإنه رُوِيَ أنّ رجلًا قال: أيْ رَسولَ اللهِ «دُلَنِي على عَمَلٍ يُدخلُني الجنة َ»، قال: «فُكَّ الرقبة، أو أعِتقْ النَسْمةَ» قال: أو ليسا سواءً يا رسولَ اللهِ؟) (٦) قال: «فَكُّ الرقبةِ أنْ تُعينَ في عتقِهِ» (٧).

(وفي سبيل الله مُنقطَعُ الغزاةِ) (٨)، أيْ فقراءُ الغزاةِ، وكذلك المراد مِن مُنقطع الحاجِ، أي فقراءُ الحاجَ المنقطع بهم، ولا يصُرفُ إلى أغنياءِ الغزاة عِنْدَنَا خلافًا للشافعي -رحمه الله- (٩) فإنه يقول: يُصرفُ إلى أغنيائِهم/ واستدلَّ بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا تحلُّ الصدقةُ لغِني إِلاَّ لخمسه» (١٠) مِن جملتهم الغزاةُ في سبيل الله، ولكنْ نقول، المرادُ الغنيُّ بقوةِ البدنِ، والقُدرة عِلى الكَسْبِ إنما يكونُ بالبَدَنِ لا يملِكُ المالَ بدليلِ الحديثِ الآخرِ: «ورُدهَّا في فقرائِهم» (١١)، كذا في "المَبْسُوط" (١٢)، وذكر تلكَ الخمسةَ (١٣)، فقال: «لا تحُلُّ الصدقةُ لغني إِلاَّ لخمسةٍ: الغازي في سبيلِ الله، والعاملِ عليها، والغارمِ، ورَجُلٍ اشتراها بمِاِلهِ، ورجلٍ تصدّقَ بها على المسكينِ فأبداها المسكينُ إليه» (١٤).


(١) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٧).
(٢) يُنْظَر: المدونة (١/ ٣٤٥)، الاستذكار (٣/ ٢١٢).
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٣/ ١٦).
(٤) سقطت في (ب).
(٥) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٢).
(٦) سقطت في (ب).
(٧) رَوَاهُ الحاكم في المستدرك (٢٨٦١ - ٢/ ٢٣٦). وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعلّق الذهبي في التلخيص فقال: صحيح.
(٨) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٧).
(٩) يُنْظَر: الوسيط (٤/ ٥٦٣)، الْحَاوِي (٨/ ٤٤٣).
(١٠) أخرجه أبو داود باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- ولفظه (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي) (٢/ ٣٧)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٥/ ٣٣٦)، و أخرجه الترمذي في سننه باب من لا تحل له الصدقة من حديث عبدالله بن عمرو أيضا (٣/ ٤٢)،، وأخرجه النسائي في سننه باب إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- (٥/ ٩٩)، قال الترمذي حيث قال: حديث عبدالله بن عمرو حديث حسن ا. هـ. (٣/ ٤٢)، وصححه الألباني في تعليقاته على السنن (٥/ ٩٩).
(١١) رَوَاهُ مسلم في صحيحه (١٩)، كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.
(١٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: ٣/ ١٧.
(١٣) في (ب) زياده (في التجنيس).
(١٤) سبق تخريجه ص (٢٠٤).