للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذَكَر في "المحيطِ" (١) بعدما ذَكَر هذه الروايةَ: ورَوى ابنُ سماعةَ عنْ أبي يُوسُف -رحمه الله- أنه قال: لا بأسَ بصدقةِ بني هاشمٍ بعضِهم على بعضٍ، ولا أدَّى الصدقة عليهم، ولا على مواليهم منِ غيرِهم بخلاف التطوع أي: يجوزُ (صرفُ) (٢) صَدَقِة التطوَّعِ إلى بني هاشم؛ لأنّ المالَ هنا كالماءِ إلى قوله: بمنزلةِ التُّبردِ بالماءِ. فإنْ قَبَلِهُ/ لِمَ لم يجعلْ صدقَة التطوعِ بمنزلةِ الوضوءِ على الوضوءِ حيثُ يصيرُ الماءُ به مستعملًا؟ وإنْ كانَ تطوعًا فكذا هاهنا يصيرُ المالُ وَسِخًا، وإنْ كان تطوعًا لما أنّ إلحاقَ صدقةِ التطوعِ بالوضوء، التطوعُ أقربُ مِن إلحاقِه بالتُبردِ بجامعِ التطوعِ فيهما، فلا يجوزُ صرفُه إليهم حينئذٍ قلنا: المالُ ليسَ بِنَجِسٍ لا حقيقةً، ولا حُكْمًا. إِلاَّ أنهُ لما أدَّى الفرضَ بهِ أنسخت ضرورة أنه صار مطهرًا بالنص لسقوطِ الفرضِ به لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} (٣) فبقي ما وراءَهُ على ما يقتضِيهِ القياسُ وأما الوضوءُ على الوضوء، فإنُه أزالَ الظلمةَ بالنصِّ اقتضاءً ازديادُ النورِ يقتضي زوالَ الظُلمةِ بَقَدِرِه لا محالةَ ولم يردْ النصُ بمثلهِ، ولم يسقطْ الفرضُ في صدقةِ التطوعِ، فبقي المالُ على حقيقتهِ طاهرًا مِن كُلِّ وجهٍ (٤)، فلذلكَ أُلَحقِ بالتبُردِ ويُعتبرُ حالُ المعتوهِ (٥)؛ لأَنهُ القياسُ بفتح التاء على بناء المفعول، أي: القياسُ أنْ لا يلحقَ المعتوهُ بالمعتقِ في جميعِ الصُّورِ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما أصلٌ بنفسهِ من حيثُ البلوغُ، والعقلُ، والحريةُ، وخطابُ الشَرع فلا يكونُ اتصالهُ بالإعتاقِ أكثَر من اتصالهِ] في جميع الصور (٦) بالنسبِ، فإنهُ يجوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلى وَلَدِ الغنيِّ إذا كانَ كبيرًا إِلاَّ أنّ النصَّ الخاصَ وَرَدَ في حُرمةِ الصدقةِ على مولى بني هاشم (٧) كما ذكر في الكتاب (٨)، فيبقى في حقِّ أحدٍ الحريةَ مِن معتقِ القرشي إذا كانَ المعتقُ نصرانيًّا على أصلِ القياسِ.


(١) يُنْظَر: الْمُحِيط الْبُرْهَاني: (٢/ ٤٩٦).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) سورة التوبة الآية (١٠٣).
(٤) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٦٦).
(٥) المعتوه هو القليل الفهم المختلط الكلام الفاسد التدبير لكن لا يضرب ولا يشتم. يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٣/ ٢٦٨).
(٦) سقطت في (ب).
(٧) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٥٠)، الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ١٨٩)، المَبْسُوط (٣/ ٣١).
(٨) المقصود في الْكِتَاب شرح مُختَصرُ القُدُوري كما هو مشهور عند إطلاقه عند فقهاء الحنفية وقد أشار إليه العيني في البناية. يُنْظَر البناية (٣/ ٤٧١).