للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: ولَا يحِلُّ السؤالَ لمِن كانَ عنَده قوتُ يومٍ عندَ البعضِ، وقال بعضهم: لَا يحِلُّ السؤالُ لمِنْ كان (١) كَسولا أو يملكُ خمسينَ ِدرهمًا، ويجوز صُرفُ الزكاة إلى مِنْ لا يحِلُّ له السؤالُ إذا لم يملكْ نِصَابًا ثُمَّ قال: ولو كانَ له حوانيتُ (٢) أو دارهٌ غلته تساوي ثلاثة آلافٍ، (٣) وغلتُها لا تكفي لِقوتِه، وقوتِ عيالهِ يجوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إليه في قول مُحَمَّد، وفي/ الكتب إذا كانتْ تساوي مائتي درهم، وهو لا يحتاجُ إليها لا يجوزُ صرفُ الزَّكَاةِ إليه، (وإنما النَّماءُ شَرْطُ الوجوبِ، أي: شرطُ وجوبِ الزَّكَاةِ (٤)، (ويجوزُ دفعها إلى مِنْ يملِكُ أقلَّ من ذلك) (٥) أراد به الجواز بغير الكراهية، فأما الجوازُ بالكراهةِ، فيُوجَدُ في الدّفْعِ بالنصابِ إلى فقيرٍ خلاِفًا لِزُفَر (٦)، (وإنْ كان صحيحًا مكتسبًا)، (٧) وهذا عندنا (٨) وقالَ الشَّافِعِي -رحمه الله- (٩): لا يجوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلى الفقيرِ الكسوبِ؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا تحَلُّ الصدقةُ لِغَني، ولا لِذِيْ مِرَّةٍ سَوِي» (١٠) وتأويله (عندنا) (١١) حُرمةُ الطَّلبِ، والسؤالُ: ألا ترى إلى ما رُوِيَ عن رسولِ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- أنهُ كانَ يُقسِمُ الصدقاتِ، فقامَ إليهِ رَجُلانِ يسألانه فنظَرَ إليهما، ورآهما جلدين فقال: «أما أنَهُ لا حَقَّ لكما فيهِ، وإنْ شئتما أعطيتكما» (١٢). معناه: لا حَقَّ لكما في السؤّالِ. ألا ترى أنّهُ جَوَّزَ الإعطاءَ إياهما، كذا في "المَبْسُوط" (١٣).


(١) (لمن).
(٢) الحانوت: هو الدكان، وجمعه حوانيت. يُنْظَر: لسان العرب (٢/ ٢٦).
(٣) في (ب): (درهم)
(٤) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٤٧)، تُحْفَةِ الْفُقَهَاء (١/ ٣٠١).
(٥) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٧).
(٦) زُفَر -رحمه الله- يرى لا يجوز إعطاؤه نصاباً كاملاً خلافاً لأبي حَنِيفَةَ. يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٠٥)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٤٨).
(٧) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٣٧).
(٨) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٢٧٨)، الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ١٨٩)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٤٨).
(٩) يُنْظَر: إعانة الطالبين على حل ألفاظ المعين للدمياطي (٢/ ٢٠٠)، جواهر العقود للسيوطي (١/ ٣٩٦).
(١٠) رَوَاهُ أبو داود في سننه، كتاب الزكاة، باب من يعطي من الصدقة وحد الغنى (١٦٣٦). والترمذي في سننه، كتاب الزكاة، باب ما جاء من لا تحل له الصدقة (٦٥٢). وابن ماجه في سننه، كتاب الزكاة، باب من سأل عن ظهر غنى (١٨٣٩). والنسائي في سننه، كتاب الزكاة، باب إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها (٢٥٩٧) وقال الألباني في إرواء الغليل (٣/ ٣٨١): صحيح.
(١١) سقط في ب.
(١٢) رَوَاهُ أبو داود في سننه (١٦٣٥)، كتاب الزكاة، باب من يعطي من الصدقة وحد الغنى. وقال الألباني في إرواء الغليل (٣/ ٣٨٧): صحيح ..
(١٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي: (٣/ ٢٤، ٢٥).