للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي «الجامعِ الصغيرِ» (١): قبلَ نصفِ النهارِ، وهو الأصحُّ، أي: مِن الذي ذَكَرهُ في المختصر (٢)، والمراَدُ من انَتصافِ النّهارِ: قبلَ الضَحْوةِ الكُبرى؛ لأنَّ النهارَ في حقِّ الصَّوْم من حين طلوعِ الفجرِ فنصفُ النهارِ مِنْ ذلك الوقتِ، وقتِ الضَّحْوَةِ الكُبرى (٣)، فعلى هذا لو نَوى قُبَيلَ الزوالِ لا يجوزُ؛ لأنهُ خَلا أكثَر اليومِ عن النيةِ (٤) كذا في مختلفاتِ المغنى (٥)، ولا فَرْقَ بينَ المسافرِ والمقيمُ (٦) خلافاً لزُفَر -رحمه الله- (٧)، وذَكَر في «المَبْسُوط» (٨): أنَّ المسافَر إذا نوى قبلَ الزوالِ، وقد قَدِمَ مَصْرَهُ أو لم يِقْدِمْ، ولم يكنْ أَكَلَ شيئاً جازَ صومُهُ عن الفرضِ عِنْدَنَا خلافاً لِزُفَر -رحمه الله-، وهو يقولُ: إنَّ إمساكَ المسافرِ في أولِ النهارِ لم يكنْ مُستحقاً لصومِ الفرضِ فلا يتَوقَفُ على وُجودِ النيةِ بخلافِ إمساكِ المقيمِ، ولنا أنّ المعنى الذي لِأجلِهِ جُوِّزَ في حقِّ المقيمِ إقامةُ النيةِ في أكثرِ وقتِ الأداءِ مقامَهُ في جميعِ الوقتِ، والمسافرُ في هذا الوقتِ أسوةُ المقيمِ، وإنَّما يفارقُهُ في الترخصِ بالفِطْرِ، ولم يترخصْ بهِ، ولِأَنَّ أداءَ العبادةِ في وقِتها مع ضربِ نُقصانٍ أولى مِن تفويتهِا عن وقتهِا، والمسافرُ، والمقيمُ في هذا سواءٌ، وبهذا فارقَ صومَ القضاءِ، فإنه دَيْنٌ في ذمتهِ، والأيامُ في حقهِ سواءٌ فلا يفوتُهُ شيءٌ إذا لم يحرزُهُ مع النقصانِ، فلهذا اعتبرنا صفة الكَمالِ فيه: وذَكَرَ الإمامُ الولوالجي (٩): أنّ صيامَ المسافرِ بالنيةِ قبلَ الزوالِ جَاْزَ؛ لأنُه كالمقيمِ إذا اختارَ تعجيلَ الواجبِ، (وهذا الضربُ مِن الصَّوْم) (١٠)، أيْ: الضَّرْبَ الذي يتعلقُ بزمانِ تعينهِ على ما ذَكَر في أولِ هذا الْكِتَاب (يتأدَّى بمُطلَقِ النيةِ) (١١) بأنْ قالَ: نَوَيْتُ الصَّوْم (١٢)،


(١) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: (١/ ١٣٧).
(٢) يقصد المؤلف -رحمه الله- مُخْتَصرُ القُدُوري. يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٧٧).
(٣) الضَّحْوة فهو ارتفاعُ أَول النَّهارِ. يُنْظَر: لسان العرب (١٤/ ٤٧٤).
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للسرخسي (٣/ ١٠٧)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٨٣)، قال زُفَر -رحمه الله- يصح صوم رمضان بدون النية بحق الصحيح المقيم، أما المسافر فيشترط أن ينوي الصِّيَامَ من الليل، مجمع الأنهر (١/ ٣٣٤).
(٥) بحثت في كتب الفقه وأصول الفقه عن هذا الْكِتَاب ولم أجده ولم أجد من أشار إليه في كتب شروح الهِدَايَة الأخرى ولا في كتب الفقه.
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٣٠٦).
(٧) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٣٠٧).
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: (٣/ ١١٣، ١١٤).
(٩) يُنْظَر: الفتاوى الولواجية (٢/ ٢٤٠).
(١٠) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٨).
(١١) يُنْظَر: المرجع السابق (١/ ١١٨).
(١٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٠٨).