للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: فكانَ تخصيصَهُ بالمِصْرِ، ونفي العِلَّةِ في عَدَم قُبولِ الشهادةِ دليلاً على قبولِ الشهادةِ إذا كانَ الشاهدُ خارجَ المِصْرِ، وكانَ في السماءِ عِلَّةٌ، وذَكَر في الاستحسانِ (١) بعدَ هذا (٢)، وكذا ذَكَر الطَّحَاوِيِّ في كتابهِ (٣)؛ لأنهُ يتفقُ من الرؤيةِ في الصحاري ما لا يتفقُ في الأمصارِ لما فيها من كَثْرةِ الغُبارِ، (وكذلكَ إذا كانَ في المِصْرِ على مكانٍ مُرتفعٍ) (٤)، فقدْ يتفقُ لهُ مِنَ الرؤيةِ ما لا يتفقُ لمِنْ دُوَنهُ في الموقفِ (٥)؛ لأنهُ تعلَّقَ به نَفْعُ العبدِ، وهو الفِطْرُ، وتُشْتَرطُ فيهِ الحرية، (٦) وكما تُشترطُ فيهِ الحريةُ والعددُ ينبغي أن يُشترطُ فيه لفظُ الشهادة (٧).

وأما الدعوى فينبغي أنْ لا تُشترط كما لا يشترطُ في عَتْقِ الأَمةِ، وطلاقُ الحرَّةِ عندَ الكُّلِ (٨)، وعتقُ العبدِ في قولِ أبي يوسفَ، ومحمد (٩)، وأمّا على قياسِ قولِ أبي حنيفةَ -رحمه الله- (١٠) فينبغي أن تُشترط الدعوى في هلالِ الفِطْرِ، وهلالُ رمضانَ كما في عتقِ العبدِ عند القضاءِ دونَ الكفارةِ، كذا في التجنيس (١١).

قولُه -رحمه الله-: وهو الأصحُّ احترازاً عمّا رُوِيَ عن أبي حنيفةَ -رحمه الله- في النوادرِ (١٢): بأنَّ الشهادةَ على هلالِ الأضحى كالشهادةِ على هلالِ رمضانَ (١٣) لما يتعلقُ بها مِن أَمْرِ ديني، وهو ظُهورُ وقتِ الحجِّ (١٤).


(١) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣٨)، الهِدَايَة (١/ ١٢١).
(٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٢٥).
(٣) الهِدَايَة (١/ ١٢١)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٢١).
(٤) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢١).
(٥) يُنْظَر: التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيد (٢/ ٤٢٦).
(٦) بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٨١)، الهِدَايَة (١/ ١٢١).
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (١٠/ ٢٩١).
(٨) يُنْظَر: الدر المختار (٢/ ٣٨٦).
(٩) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٢٥).
(١٠) يُنْظَر: مجمع الأنهر (١/ ٣٤٩).
(١١) التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيد، لعلي بن أبي بكر بن عبدالجليل الْمَرْغِينَانِي -رحمه الله-، صاحب الهِدَايَة، حققه الدكتور مُحَمَّد أمين مكي وطبعته في مجلدين إدارة القران والعلوم الإسلامية في باكستان.
(١٢) مسائل النوادر هي المسائل المروية عن أصحاب المذهب لكن ليست في كتب ظاهر الرواية وإنما قيل لها غير ظاهر الرواية: لأنها لم ترو عن مُحَمَّد بروايات ظاهرة صحيحة ثابتة.
يُنْظَر: كشف الظنون (٢/ ١٢٨٢).
(١٣) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٢٢)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٣٩).
(١٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (١٠/ ٢٨٩).