للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا معنى ما ذُكِرَ في الإيضاحِ (١) أنَّ النذرَ للإيجابِ في الذَّمةِ، والوجوبُ في الذِّمةِ يلزمُ الخُروجَ عن العُهْدةِ، واليمينُ يُؤَّكِدُ/ معنى اللزومِ فلم يكنْ بينَ الموجبينِ تَنَاْفِ (٢)؛ لِأَنَّ ما يُؤَكِّدُ الشيءَ لا ينُافيهِ، وأمّا وجُوبُ القضاءِ، والكفارةِ حالَ عَدَمِ الوفاءِ فهو حُكْمٌ آخرَ سِوى الموجبِ الأصلي، وإذا لم يتحققْ التنافي فيما هو الموجبُ الأصلي، وهو لزومُ الوفاءِ بهِ جعلناهُ مُؤكِدًا لهُ (٣).

قولُهُ -رحمه الله-: (كما جمعنا بين جهتي التبرعِ، والمعاوضةِ في الهِبَة بِشرطِ العِوَضِ) حيث اعُتَبِرتْ في الأحكام الثلاثةِ جهةُ التُّبرعِ، وهي اشترِاطُ التقابضِ، والبطلانِ بالشيوعِ، وعدمِ جوازِ تصرّفَ المأذونِ فيها، واعتُبرت في الأحكامِ الثلاثةِ جهةُ المعاوَضةِ، وهي خِيار الُّردِ بِالعيبِ، وخيارُ الرُّدِ بالرؤيةِ، واستحقاقُ الشفعةِ على ما تأتي الأحكامُ في مواضِعها إنْ شاءَ اللهُ تعالى.

(أفطرَ يومَ الفطِرِ، ويومَ النحرِ، وأيامَ التشريقِ، وقضاها،) وهذا أحكُم لبيانِ الأفضلِ، ولصيانةِ ارتكابِ المنْهِي عنهُ لا أنَه لو صامَها لا يخرجُ عن عُهدِة نَذَرِهِ بلْ إذا صامَ هذهِ الأيامَ الخمسةَ يجوزُ، ويَخرجُ عن عُهدِة نذرهِ لمَا أنَّ السنةَ المعينةَ لا تخلو عن هذهِ الأيامِ فِلما نذرَ بصومِ السنةِ المعينةِ كان ناذرًا بصومِ هذه الأيامِ أيضًا فيخرجُ عن عُهدِة نذرهِ بِصومِ هذه الأيامِ لذلكَ؛ لأنه أداءُ كما التزم، وأشارَ إلى هذا الحكُم في الْكِتَابِ بعد هذا في قوله: بخلافِ ما إذا عينَها؛ لأنهُ التَزمَ بوصفِ النقَصان ِإلى آخرِهِ، وكذلك إذا لم يُعينْ، أي: لم يعيْن السنَة بلْ مُكرهًا، ولكنْ وصُفها بالتتابعِ فقال للهِ عليَّ أنْ أصوَم سنةً متتابعةَ، فهو كما لو عينَ السنةَ بقولهِ لله عليَّ أنْ أصوَم هذهِ السنةَ ففي هاتين الصورتين لا يجب عليهِ قضاءُ رمضانَ؛ لأنَّ صومَ رمضانَ لم يجبْ بهذا النْذرِ، ولكنْ يقضي تلكَ الأيامَ الخمسةَ؛ لأنهُ لم يضمهَّا (٤)، كذا في فتاوى الإمام الولوالجي، والتجنيسِ.


(١) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٨٤)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٤٥).
(٢) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٣٨٣)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٤٥).
(٣) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٨٣)، تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٤٦).
(٤) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٨٤، ٤٨٥)، والفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ١٩٦).