للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لا يجوز الرمي فيهما إلا بعد الزوال في المشهور من الرواية)

وروى الحسن عن أبي حينفة -رحمه الله-: أنه إن (١) كان من قصده أن يتعجل في النفر الأول، فلا بأس بأن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال، وإن رمى بعد الزوال فهو أفضل، وإن لم يكن ذلك من قصده لا يجوز الرمي إلا بعد الزوال؛ لأنه إذا كان من قصده التعجيل، فربما يلحقه بعض الحرج في تأخير الرمي إلى ما بعد الزوال [حتى لو] (٢) تأخر الرمي إلى ما بعد الزوال لا يصل إلى مكة إلا بالليل، فهو يحتاج إلى أن يرمي قبل الزوال ليصل إلى مكة بالنهار، فيرى موضع نزوله فيرخص له في ذلك.

(وفي ظاهر الرواية (٣) يقول: هذا اليوم الثالث نظير اليوم الثاني، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- رمى فيه بعد الزوال فلا يجزئه الرمي فيه قبل الزوال). كذا في «المبسوط» (٤)، وذكر في «المحيط» (٥).

وذكر الحاكم الشهيد في «المنتقى» (٦) قال محمد: كان أبو حنيفة يقول: أحب

إلي ألاّ يرمي في اليوم الثاني، والثالث حتى تزول الشمس، فإن رمى قبل ذلك أجزأه.

(ثُمَّ عند أبي حنيفة -رحمه الله- يمتد هذا الوقت).

أي: وقت الرمي في اليوم الأول من أيام النحر، والحجة عليه ما روينا، وهو

لقوله - عليه السلام -: (أن أول نسكنا في هذا اليوم) (٧) إلى آخره).


(١) ساقطة من (ب).
(٢) أثبته من (ب).
(٣) المراد بظاهر الرواية: فهو عبارة عن المسائل التي رويت عن أئمة المذهب: أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، مما ذكره محمد بن الحسن في كتبه المعروفة بكتب ظاهر الرواية: (الأصل، الجامع الصغير والكبير، والسير الصغير والكبير، والزيادات)، وقد يلحق بهم قول زفر، والحسن بن زياد، وغيرهما ممن أخذ الفقه عن أبي حنيفة، لكن الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة، أو قول بعضهم، وإنما سُميت بظاهر الرواية؛ لأنها رويت عن محمد برواية الثقات، فهي ثابتة عنه إما متواترة أومشهورة.
انظر: شرح عقود رسم المفتي (ص/ ٦٧)، رد المحتار (١/ ٢٢٥)، المذهب الحنفي (١/ ٣٥٨).
(٤) انظر: المبسوط (٤/ ٦٨).
(٥) انظر: المحيط البرهاني (٢/ ٤٢٩ - ٤٣٠).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٥٠٠).
(٧) أخرجه البخاري في باب الأكل يوم النحر: " إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثُمَّ نرجع فننحر، من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك"، مختصر صحيح البخاري، (١/ ٢٩٣ رقم ٤٩٠).