للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: (ترك البيتوتة في وجوب الجزاء به بترك الرمي)، ولكنا نستدل بحديث العباس - رضي الله عنه - أنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في البيتوتة بمكة في ليالي الرمي لأجل السقاية، فأذن له في ذلك، ولو كان واجبا ما رخص له في تركه لأجل السقاية، ولأن هذه البيتوتة غير مقصودة بل [هي] (١) تبع للرمي في هذه الأيام فتركها لا يوجب إلا الإساءة، كالبيتوتة بمزدلفة ليلة يوم النحر. (٢)

(نزل بالمحصب، وهو الأبطح (٣)، وهو اسم موضع).

أي: لذلك الموضع اسمان المحصب، والأبطح، وكذا يقال له: الخيف

أيضًا.

(وكان نزوله قصدًا وهو الأصح (٤).

وهذا احتراز عن قول ابن عباس، فإنه يقول: ليس النزول فيه بسنة، ولكنه موضع نزل فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتفاقًا، والأصح عندنا أنه سنة، وإنما نزله رسول الله قصدًا على ما روي أنه قال لأصحابه بمنى: «إنّا نازلون بالخيف غدًا خيف بني

كنانة» (٥) إلى آخره كذا في «المبسوط» (٦).

(الخيف فهو بالمخصب) وقد كانت قريش اجتمعت فيه، فتحالفوا على بني هاشم، وعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبر أنه نزل فيه لمخالفتهم، فإنهم اجتمعوا للمعصية فيه، ونحن نجتمع فيه للطاعة، وما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- في المناسك على وجه المخالفة، فهو نسك [كما] (٧) نفر من عرفة بعد غروب الشمس. كذا في «شرح الأقطع» (٨) الخيف بالسكون للمكان المرتفع نحو خيف منا، أو الذي اختلفت (٩) ألوان حجارته، ومنه الحديث نحن نازلون بخيف بني كنانة، وهو المحصب، كذا في «المغرب» (١٠).


(١) أثبته من (ب).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٢٥)
(٣) الأبطح: في الأصل مسيل واسع فيه دِقاق الحصى، وهو اسم لموضع بمكة، ينزل به الحاج إذا مرّ به، ويسمّى أيضًا بالمحصّب، والحصباء، والحصبة، والبطحاء، وخيف بني كنانة، والنزول فيه يسمّى بالتحصيب، وهو اليوم تقريبًا في منطقة بين المعابدة والجميزة.
وقيل: المحصّب هو المكان الذي تنتظم فيه الجمرات الثلاث.
انظر: طلبة الطلبة (٦٤)، المصباح المنير (٥١)، معجم لغة الفقهاء (١٧)، قاموس الحج والعمرة (٥٣)، معالم مكة (٢٥٢).
(٤) عبارة: «وهو الأصح» مصطلح عند الحنفية يستعمل للترجيح بين الأقوال، وهو يُشعر بأن بقية الأقوال صحيحة، لكن الفتوى على أصحها.
انظر: الكواشف الجلية (٧٢).
(٥) أخرجه بنحوه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري: الحج، باب (٤٥) نزول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة (الفتح ٣/ ٤٥٣)، ومسلم: الحج، باب (٥٩) استحباب النزول بالمحصب (٢/ ٩٥٢).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ٢٤).
(٧) أثبته من (ب)، وفي (أ) لما. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٨) انظر: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٢٨١).
(٩) في: (ب) اختلف.
(١٠) انظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ١٥٨).