للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فأشبه الصوم مع الاعتكاف، والحراسة في سبيل الله مع صلاة الليل).

وهذا لأن الجمع بين العبادتين لما جاز؛ كان الجمع أفضل لما فيه من المسارعة، وفي التأخير من الكسل المذموم.

(ولأن في القران زيادة النسك)، وهي إراقة الدم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أَفْضَلُ الْحَجِّ: الْعَجُّ (١) وَالثَّجّ (٢)» (٣)، والكلام في الحقيقة ينبني على هذا الحرف، فإن دم القران عنده دم جبر حتى قال (٤): لا يباح التناول منه للمُهدي، وعندنا هو دم نسك حتى يباح التناول منه له، والدليل على أنه دم (٥) نُسك أنه يتوقت بأيام النحر كالأضحية، ودم الجبر لا يتوقت به، وإن سبّبه مباح، ودماء الجبر يستدعي سببًا محظورًا؛

لأن النقصان إنما يتمكن بارتكاب ما لا يحل، وقد [يتناول] (٦) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هداياه على ما روي «أنه ساق مائة بدنة، فنحر سبعًا وستين بنفسه، وولى الباقي عليًّا - رضي الله عنه -، ثُمَّ أمر أن يؤخذ من كل واحد قطعة فيطبخ له، فأكل من لحمها، وحسا من مرقها» (٧) وقد صح عندنا أنه كان قارناً. كذا في «المبسوط» (٨)، وغيره.


(١) العَجّ في اللغة: الصياح ورَفْعُ الصَّوْتِ، وفي الاصطلاح: رفع الحاج صوته بالتلبية. انظر: مختار الصحاح (١٧٧)، المصباح المنير (٣٩٣)، معجم لغة الفقهاء (٢٧٥).
(٢) الثجّ في اللغة: السّيلان والصبّ الكثير، وفي الاصطلاح: إسالة دماء الهدي والأضاحي.
انظر: مختار الصحاح (ص/ ٤٢)، المصباح المنير (ص/ ٨٠)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ١٣٣).
(٣) في حديث أبي بكر رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل أي الحج أفضل؟ قال: (العج والثج). أخرجه الترمذي: الحج، باب (١٤) باب ماجاء في فضل التلبية والنحر (٣/ ١٨٩)، وابن ماجة: المناسك، باب رفع الصوت بالتلبية (٢/ ٩٧٥)، والدارمي (٢/ ٣١)، وابن خزيمة (٤/ ١٧٥) والحاكم (١/ ٤٥١)، وصححه ابن خزيمة، والحاكم، وأعله الدارقطني (١/ ٢٧٩) وانظر الكلام عليه في التلخيص الحبير (٢/ ٢٣٩) والسلسلة الصحيحة للألباني رقم (١٥٠٠).
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) ساقطة من (ب).
(٦) أثبته من (ب) وفي (أ) يتأول. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٧) أخرجه من حديث علي رضي الله عنه، البخاري: الحج، باب (١٢٢) يتصدق بجلال البدن الفتح (٣/ ٥٥٧)، وجابر بن عبدالله عند مسلم، الحج، باب (١٩) حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢/ ٨٨٩).
(٨) انظر: المبسوط (٤/ ٢٦ - ٢٧).