للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(والتلبية غير محصورة).

فإن المفرد كما يكرر التلبية مرة بعد أخرى، فكذلك القارن يكرر مرة بعد أخرى، وإذا كان كذلك جاز أن يقع تكرار القارن بالتلبية أكثر من تكرار المفرد، فحينئذٍ لم يكن ترجح المفرد على القارن بكثرة التلبية في المفرد.

وذكر في «الأسرار» (١): (ولو أحرم رجل بالعمرة أولًا، ثُمَّ لبى بالحجّة كان قارناً بتلبيتين)، ومع ذلك أن هذا أنقص عند الشافعي (٢).

(والسفر غير مقصود).

فإن قلتَ: لا نسلم؛ بل السفر في حق الحجّ مقصود، بدليل أن الوجوب يتعلق بشرط استطاعة السفر، وبدليل أن الرجل إذا أوصى أن يحج عنه من ثلث ماله وجب أن يحج عنه من وطنه، ولو أحج عنه من أدنى المواقيت لا يجوز علم أن السفر مقصود، وبدليل أن من نذر حجًّا ماشيًا، ثُمَّ ركب يلزمه الدم، فلو لم يكن السفر مقصودًا لم يكن وصفه مرعيًّا شرعًا في النذر لما أن النذر لا يصح فيما ليس بمقصود على ما مرّ في الاعتكاف.

قلتُ: الكلام في أن النقصان في السفر هل يورث نقصًا في الحجّ حتى كان الدم دم جبر، وعند الشافعي (٣) -رحمه الله- يورث، فلذلك جعل الدم الذي يجب في القران والمتعة دم جبر، وقلنا: لا يورث ذلك [نقصًا] (٤) في الحجّ، وذلك في السفر ما يتقدم الإحرام، فعدمه لا يوجب (٥) نقصًا في الإحرام فكيف بقضائه (٦)، وأما الوصية في الإحجاج، إنما انصرفت إلى الوطن؛ لأن الميت لو حج بنفسه يحج من وطنه، والأمر المطلق انصرف إلى ما يكون منه بدلالة الحال؛ لا أنه يُشرط لتمام الحجّ، ألا ترى أن من دخل مكة قبل أشهر الحجّ بالعمرة ثُمَّ حج؛ لم يكن عليه شيء جبرًا لما ترك من السفرللحجة، وكذلك المتمتع الذي ساق/ الهدي مع نفسه إذا رجع إلى أهله بعد العمرة، ثُمَّ حج بسفرة (٧) إنشاءها من بيته لزمه دم المتعة، وإن أدى كل واحدة منهما بسفرة على حدة من بيته؛ لأن المتعة لم تبطل بهذا الإلمام عنده على ما هو مذهبه، وأما الذي نذر أن يحج ماشيًا إذا ركب لزمه دم بالنص بخلاف القياس، فلا يرد نقضًا. كذا في «الأسرار» (٨).

(والمقصد بما روي).


(١) انظر: الأسرار (ص ١٠٥).
(٢) انظر "المجموع" (٧/ ١٧٣).
(٣) انظر "المجموع" (٧/ ١٧٦).
(٤) أثبته من (ب).
(٥) في (ب): يورث.
(٦) أثبته من (ب) وفي (أ) بقضاء. ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.
(٧) في (ب): سفره.
(٨) انظر: الأسرار (ص ١٠٧).