للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: «القران رخصة» (١)، وإنما سميت رخصة مع أن القران عزيمة لما أن أشهر الحجّ كان للحج قبل الإسلام، فأدخلها الله تعالى في أشهر الحجّ إسقاطًا للسفر الجديد عن الغرباء.

(فكان اجتماعهما في وقت واحد رخصة من الله تعالى) أي: توسعة من الله كإسقاط شطر الصلاة بالسفر.

(رخصة)، أي: توسعة، فأما الأداء معًا بعدما اجتمعا فعزيمة كالقصر في السفر على أصلنا، وهذه رخصة مجازًا، كذا في «الأسرار» (٢).

(من أفجر الفجور).

أي: من أسوأ السيئات.

(على ما روينا من قبل) أي: في فصل المواقيت، والدليل الآخر على أن المراد منه القران هو أن التمتع استفيد من قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى … الْحَجِّ} (٣).

(واستفيد الإفراد بقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} (٤) أي: لبى بالحجّ فكان المراد من قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (٥)، القران ليصير كل آية محمولة على فائدة جديدة، فالله تعالى لما بدأ بالقران، ثُمَّ بالتمتع، ثُمَّ بالإفراد دل ذلك على قوة الاهتمام في القران، كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٦).

(ثُمَّ فيه).

أي: في القران، وقيل: الاختلاف بيننا وبين الشافعي (٧) بناء على أن القارن عندنا يطوف طوافين، وذكر في «المبسوط» (٨) (من أراد القران تأهب للإحرام كتأهب المفرد على ما بيّنا، إلا أنه في دعائه بعد الفراغ من الركعتين يقول: اللهم إني أريد العمرة والحجّ) وكذلك يلبي بهما، ويقول تعالى: (لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ، وَحَجَّةٍ

مَعًا) (٩)، وإنما تقدم ذكر العمرة؛ لأن الله تعالى قدّمها في قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى … الْحَجِّ} (١٠)، ولأنه في أداء الأفعال يبدأ بالعمرة فكذا في الإحرام يبدأ في التلبية بذكر العمرة.


(١) انظر: ابن حجر في "نصب الراية" (٣/ ٩٩) وقال: "غريب جدًا".
(٢) انظر: الأسرار (ص ١١٢).
(٣) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٤) سورة البقرة من الآية (١٩٧).
(٥) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٦) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٥٢٤).
(٧) انظر: "المجموع" (٨/ ٦١)، "مغني المحتاج" (٢/ ٢٨٦).
(٨) انظر: المبسوط (٤/ ٢٧).
(٩) سبق تخريجه (ص ١٥١)
(١٠) سورة البقرة من الآية (١٩٦).