للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فإن فاته الصوم) (١).

أي: صوم ثلاثة أيام حتى أتى يوم النحر.

(لم يجزه إلا الدم) (٢).

أي: دم القران، وكذا إذا عجز عن الأداء أو مات فأوصى؛ لم يجزه الفدية إنما يلزمهم الذبح عنه، وقال الشافعي (٣) -رحمه الله-: "يجوز القضاء، والفدية عند العجز".

لأنه صوم مؤقت فيُقضَى كصوم رمضان، ونذر صوم شهر بعينه، وعلى هذا الاختلاف من كان عليه صوم كفارة فعجز بالكبر أجزأه الفدية عنده، وعندنا لا يجوز. كذا في «الأسرار» (٤).

(وقال مالك (٥): يصوم فيها).

أي: في أيام النحر، والتشريق.

(وهذا وقته).

أي: وقت الحجّ؛ لأن طواف الزيارة يؤدى فيها.

(فيتقيد به النص).

أي: فيتقيد بالنهي المشهور عن الصوم، وهو قوله: «ألا لَا تَصُومُوا هَذِهِ

الْأَيَّامَ» (٦) النص المقتضي لجواز الصوم في وقت الحجّ، وهو قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٧)، لما أن الخبر خبر مشهور مقبول بالإجماع، فيتقيد به نص الكتاب بأن المراد بنص الكتاب ما وراء أيام التشريق لا أيام النحر، والتشريق للنهي الوارد فيها عن الصوم، ثُمَّ لو لم يتقيد به نص الكتاب، فلا أقل من أن يورث النقص في صوم هذه الأيام، وصوم المتعة وجب عليه كاملاً، فلا يؤدى بالناقص، وهذا معنى قوله (أو يدخله النقص).

(لأن الصوم بدل، والأبدال لا تنصب إلا شرعًا).

بيانه أن الصوم بدل عن الهدي، ووقت أدائه وقت الحجّ، فلو جاز بعد ذلك إنما يجوز قضاء لا أداء، فيكون ذلك إقامة بدل مقام بدل، وهذا لا يجوز. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٨).

(والنص خصه بوقت الحجّ).

لما ذكرنا أن المراد من قوله تعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} (٩)، أي: في وقته؛ لأن نفس الحجّ لا يصلح ظرفًا للأداء فإذا تعين هذا الوقت للخلف، وهو الصوم يفوت بفوات الوقت، فيظهر حكم الأصل على ما كان، ومذهبنا مذهب عمر، وابن عباس. كذا في «الإيضاح» (١٠).


(١) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨)
(٢) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٨)
(٣) انظر المجموع (٧/ ١٦٤).
(٤) انظر: الأسرار (ص ٤٦٢).
(٥) انظر: إرشاد السالك (١/ ٤٠).
(٦) أخرجه أحمد في "المسند" (٢٥/ ٤٢٥) برقم: [١٦٠٣٨]؛ وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" باب: [] (٣/ ٢٤٦) برقم: [٢٨٩٦]؛ وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (٧/ ١٥٣٩) برقم: [٣٥٧٣].
(٧) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(٨) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٥٣١).
(٩) سورة البقرة من الآية (١٩٦).
(١٠) انظر: العناية شرح الهداية (٢/ ٥٣١)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٢/ ٣٨٨).