للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فحمل على المثل معنى؛ لكونه معهودًا في الشرع أو يوضّحه أن المماثلة بين الشيئين عند اتحاد الجنس أبلغ من عند اختلاف الجنس، فإذا لم تكن النعامة مثلًا للنعامة كيف تكون البدنة مثلاً للنعامة؟ والمثل في الأسماء المشتركة فمن ضرورة كون الشيء مثلًا لغيره أن يكون ذلك الغير مثلاً له، ثُمَّ لا يكون النعامة مثلاً للبدنة عند الإتلاف، فكذلك لا يكون البدنة مثلًا للنعامة، وإذا تعذر اعتبار المماثلة صورة وجب اعتبارها للمعنى، وهو القيمة. كذا في «المبسوط» (١).

والثاني: أن الذي في الحكمين تقويم الصيد فإذا ظهرت قيمته، والخيار إلى المحرم بين التكفير بالهدي، والإطعام، والصيام في قول أبي حنيفة، وأبي يوسف

-رحمه الله- وعند محمد الخيار إلى الحكمين، وإذا عنيا نوعاً عليه/ يلزمه التكفير به بعينه.

والثالث: يجوز للمحرم أن يختار الصوم مع القدرة على الهدي، والإطعام عندنا لقوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} (٢)، وحرف أو للتخيير، وعلى قول زفر -رحمه الله-: "لا يجوز له الصيام مع قدرة التكفير بالمال".

(وقاس بكفارة اليمين، وهدى المتعة، والقران، وقال: حرف أو لا ينفي الترتيب في الواجب كما في قطاع الطريق {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} (٣)، الآية، ولكنّ هذا خلاف الحقيقة، والتمسك بالحقيقة واجب حتى يقوم دليل المجاز، وقياس المنصوص على المنصوص باطل.

والرابع: إذا اختار الطعام فالمعتبر قيمة الصيد يشتري بها الإطعام عندنا، وعند الشافعي (٤) المعتبر فيه قيمة النظير، وهو قول محمد بناء على أصلهما أن الواجب هو النظير.

والخامس: أنه إذا اختار الصيام صام مكان نصف كل صاع يوماً عندنا، وعند الشافعي (٥) -رحمه الله- يصوم مكان كل مد يوماً، وهذا بناء على الاختلاف في طعام الكفارة لكل مسكين عندنا يتقدر بنصف صاع، وعنده بمد). كذا في «المبسوط» (٦).

(أو لكونه مراداً بالإجماع).

أي: لأن القيمة لا عموم له، كذا ذكره فخر الإسلام -رحمه الله-.

(أو لما فيه من التعميم، وفي ضده التخصيص).

بيانه أن قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} (٧)، عام، وقوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ} (٨)، منصرف إلى المذكور، فكان بيانًا لحكمه على سبيل العموم، والمثل على سبيل العموم هو المثل من حيث القيمة، فإن من الصيود ما لا مثل له في الخلقة كالعصفور، وما أشبه ذلك وضمانه يجب بنص الكتاب، فيجب حمل المثل على ما يمكن إثبات التعميم (٩) فيه، وهو المثل المعهود في الشرع، فإن الأصل في ضمان الآفات (١٠) أن يعتبر المثل صورة، ومعنى كما في ذوات الأمثال من المكيلات، والموزونات، أو معنى بلا صورة كما في ذوات القيم من الحيوانات، وغيرها في حقوق العباد، فأما اعتبار الصورة بلا معنى (١١)، فلا يوجد له نظير في أصول الشريعة (١٢)، فكان مخالفًا للإجماع فلا يصح إثباته بدليل فيه شبهة، ولأن التخيير يوجب الاعتدال، والمساواة، وأجمعنا أن الطعام، والصيام بُنيا على التقويم، فكذلك الهدي.


(١) انظر: المبسوط (٤/ ٨٣).
(٢) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٣) سورة المائدة من الآية (٣٣).
(٤) انظر: النووي في "المجموع" (٧/ ٤٢٨).
(٥) انظر: المجموع (٧/ ٤٣٩)، مغني المحتاج (٢/ ١٧٦).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ٨٥).
(٧) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٨) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٩) في (ب): العموم.
(١٠) في (ب): الإتلافات.
(١١) في (ب): مثل.
(١٢) ساقطة من (ب).