للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(والمراد بالنص، والله أعلم، فجزاء قيمة ما قتل).

أي: فعليه الجزاء، وذلك قيمة المقتول إذا كان ذلك المقتول من النعم الوحش، وإن كان (اسم النعم ينطلق على الوحشي، والأهلي).

لكن المراد منه هاهنا الوحشي دون الأهلي؛ لأن الجزاء بالقتل إنما يجب على المحرم بقتل الصيد، ثُمَّ مثل الحيوان قيمته؛ لأنه يماثله معنى فإنه جواب آخر لا يماثله لا ذاتاً، ولا معنىوالوجه الثاني: أن في الآية تقديماً وتأخيراً، وتقديره فجزاء مثل ما قتل: يحكم به ذوا عدل منكم من النعم هدياً، وإنما حملنا على هذا الوجه؛ ليكون [الآية] (١) بياناً للواجب بقتل الصيد على سبيل العموم، وإثباتاً للحكم على ما عليه قواعد الشرع./ كذا في «الإيضاح» (٢)، ومختلفات المعنى. وذكر في «الكشاف» (٣): فإن قلتَ: فما يصنع من تفسير (٤) المثل بالقيمة بقوله: من النعم، وهو تفسير للمثل، وبقوله: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٥)، قلتُ: قد خيّر من أوجب القيمة بين أن يشتري بها هديًا أو طعامًا، أو يصوم كما خيّر الله تعالى في الآية.

وكان قوله: (من النعم).

بيانًا للهدي المشتري بالقيمة في أحد وجوه التخيير؛ لأن من قوّم الصيد، واشترى بالقيمة هدياً فأهداه [فقد] (٦) جزاء بمثل ما قتل من النعم على أن التخيير الذي في الآية بين أن يجزي بالهدي أو يكفر بالإطعام أو الصوم إنما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسف إذا قوّم. (ونظر بعد التقويم)، أي: الثلاثة يختار فأما إذا عمد إلى النظير، وجعله الواجب وحده من غير تخيير فإذا كان شيئاً لا نظير له قُوِّم حينئذٍ، ثُمَّ تخير بين الإطعام، والصوم ففيه نبأ عما في الآية، وقُرئ فجزاء مثل ما قتل. يرفع جزاءٌ، ومثل جميعًا بمعنى فعليه جزاء يماثل ما قتل من الصيد، وهو عند أبي حنيفة -رحمه الله- قيمة صيد المأخوذ يُقوّم حيث صيد، فإن بلغت قيمته ثُمَّن هدي تخير بين أن يهدي من النعم ما قيمته قيمة الصيد وبين أن يشتري بقيمته طعامًا، فيعطى كل مسكين نصف صاع من بر، وإن شاء صام عن [كل] (٧) طعام كل مسكين يومًا.

وقرئ فجزاءُ مثلُ ما قتل على الإضافة، وأصله فجزاءٌ مثل ما قتل ينصب المثل بمعنى فعليه أن يجزئ مثل ما قتل ثُمَّ أضيف كما تقول: عجبت من ضربٍ زيدًا، ثُمَّ من ضربِ زيد، وقرأ السلمي على الأصل، وقرأ محمد بن مقاتل، فجزاءً مثلَ ما قتل بنصبهما بمعنى، فلينحر (٨) جزاءً مثلَ ما قتل {يَحْكُمُ بِهِ} (٩).


(١) أثبته من (ب).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٧٦).
(٣) انظر: الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (١/ ٦٧٨).
(٤) في (ب): يفسر.
(٥) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٦) أثبته من (ب).
(٧) أثبته من (ب).
(٨) في (ب): فليجز.
(٩) سورة المائدة من الآية (٩٥).