للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمثل ما قتل {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١)، حكمان عادلان من المسلمين قالوا: وفيه دليل على أن المثل القيمة؛ لأن التقويم مما يحتاج إلى النظر، والاجتهاد دون الأشياء المشاهدة.

(والمراد بما روى التقدير).

(أي: بما روى كل واحد من محمد، والشافعي من أثر الصحابة -رضي الله عنهم- وخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- تقدير النظائر لا باعتبار أعيانها، بل باعتبار القيمة إلا أنهم كانوا أرباب المواشي، فكان ذلك أيسر عليهم من النقود،

وهو نظير ما قال علي - رضي الله عنه - في ولد المغرور: [يُفك] (٢) الغلام بالغلام، والجارية بالجارية، والمراد القيمة)، كذا في «المبسوط» (٣).

(ثُمَّ الخيار إلى القائل في أن يجعله هديًا).

أي: في أن يجعل المثل أو (٤) الجزاء هديًا.

فالحاصل: أن عند أبي حنيفة، وأبي يوسف الحاجة إلى الحكمين؛ لإظهار قيمة الصيد لا أن يكون الخيار إلى الحكمين في تعيين أحد الأشياء الثلاثة، فإذا ظهرت قيمة الصيد بتقويمهما، فالقيمة كفارة واجبة على المحرم فإليه التعيين لما يؤدي به الواجب كما في كفارة اليمين، وكما في ضمان قيمة المتلفات، فإن تعيين ما يؤدي به الضمان إليه دون المقومين فكذا هنا.

وإن حكما بالطعام أو بالصيام، (فعلى ما قال أبو حنيفة، وأبو يوسف -رحمهما الله-) أي: من حيث أن للوجوب بالقيمة فيما ذكرا فيما تقدم بقوله: (وإن شاء اشترى بها طعامًا، ويصدق) إلى آخره.

لأنه تفسير لقوله: {يَحْكُمُ بِهِ} (٥).

لأن الهاء في {بِهِ} مجمل لا يُدري ما هو ففسر بقوله: {هَدْيًا} (٦)، فكان نصبًا على التفسير فيصير كأنه قال: يحكم به ذوا عدل بالهدي فثبت أن المثل إنما يصير هديًا باختياره، وحكمه كذا في «الجامع الصغير» (٧) البرهاني.

ثُمَّ ذكر الطعام، والصيام بكلمة، أو أي عطفاً على هدياً بدليل قراءة عيسى (٨)، وعميرًا، وكفارة بالنصب.


(١) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٢) أثبته من (ب).
(٣) انظر: المبسوط (٤/ ٨٣)
(٤) في (ب): و.
(٥) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٦) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٧٧).
(٨) عيسى بن عمر، أبو عمر، الهمداني الكوفي، من موالي بني أسد، المقرئ، أخذ القراءة عرضًا عن
طلحة بن مصرف وعاصم بن بهدلة، والأعمش. تلا عليه: الكسائي: وعبد الرحمن بن أبي حماد، حدث عن عطاء بن أبي رباح، وحماد الفقيه، وعنه ابن المبارك، ووكيع، وأبو نعيم، وغيرهم، وثقه ابن معين وغيره. وكان مقرئ الكوفة في زمانه بعد حمزة، ومعه. قال العجلي: كوفي ثقة، رجل صالح كان أحد قراء الكوفة رأسًا في القرآن.
انظر: (الثقات لابن حبان: ٧/ ٢٣٣)، و (التاريخ الكبير: ٦/ ٣٩٧)، و (الجرح والتعديل: ٦/ ٢٨٢).