للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فصارت حرمة التناول بهذه الوسائط مضافة إلى إحرامه).

وذلك لأن الحرمة باعتبار كونه ميتة، وكونه ميتة باعتبار خروج الصيد عن المحلية، والذابح عن الأهلية، وذلك باعتبار الإحرام، فكانت الحرمة مضافة إلى الإحرام بهذه الوسائط فكان متنأولًا محظور إحرامه، فيجب الجزاء كما قيل: إن شراء القريب إعتاق في الحكم؛ لأن الشري يوجب الملك، والملك في القريب يوجب العتق.

ولا يقال: أن الحلال إذا ذبح صيداً في الحرم، فأدى جزاءه، ثُمَّ أكل منه لا يلزمه شيء آخر، وكذلك المحرم إذا كسر بيض صيد فأدى جزاءه، ثُمَّ شواه فأكل لا يلزمه شيء آخر؛ لأنا نقول: إن وجوب الجزاء هناك باعتبار الأمن الثابت بسبب الحرم، وذلك للصيد لا للحم، وكذلك البيض وجوب الجزاء فيه باعتبار أنه أصل الصيد، وبعد الكسر انعدم هذا المعنى يقرره أن المقتول بغير حق في حق القاتل كالحي من وجه حتى لا يرث، وكالميت من وجه حتى تعتق أم الولد بأن قتلت مولاها، فهنا يُبنى أمره على الاحتياط جعلناه كالحي في حق القاتل، وهو جزاء الإحرام فيلزمه بالتناول جزاء آخر أما جزاء صيد الحرم، فغير مبني على الاحتياط في الإيجاب؛ لأنه ليس فيه معنى العبادة، ولهذا لا تدخّل (١) للصوم فيه، فلذلك اعتبرنا فيه معنى اللحمية، فلا يجب فيه الجزاء، كذا في «المبسوط» (٢)، و «الفوائد».

(فيما إذا اصطاده لأجل المحرم).

بأن نوى أن يكون الاصطياد للمحرم سواء أمره بذلك أو لم يأمره كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٣) -رحمه الله-.

(واللام فيما روى).

أي: في قوله: (أو يصد له)، ثُمَّ شرط عدم الدلالة في روايته الكتاب بقوله: (إذا لم يدل المحرم عليه وفيه روايتان)، أي: في شرط عدم الدلالة لإباحة الأكل، (وفي صيد الحرم إذا قتله الحلال قيمة يتصدق بها على الفقراء (٤) إلا على قول أصحاب الظواهر، وهذا قول لا معتبر به لكونه مخالفاً للإجماع، والكتاب، والسنة أما الكتاب فقوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٥)، ويقال: في اللغة أحرم إذا دخل في الحرم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إن مكة حرام حرّمها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاها، ولا يعضد شوكها، ولا ينفر صيدها» (٦) فإذا ثبت الأمن لصيد الحرم بهذه النصوص كان القاتل جانياً بإتلافه محلاً محترماً متقوماً [أي: فيلزمه] (٧) جزاءه، والجزاء قيمة الصيد كما في حق المحرم، كذا في «المبسوط» (٨).


(١) في (ب): يدخل.
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٨٦ - ٨٧).
(٣) انظر: المبسوط للشيباني (٢/ ٤٤٣)، العناية شرح الهداية (٣/ ٩٢).
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٣)
(٥) سورة المائدة من الآية (٩٥).
(٦) متفق عليه: أخرجه البخاري في "صحيحه" باب: [لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الحَرَمِ] (٣/ ١٤) برقم: [١٨٣٣]، وأخرجه مسلم في "صحيحه" باب: [تَحْرِيمِ مَكَّةَ وَصَيْدِهَا وَخَلَاهَا وَشَجَرِهَا وَلُقَطَتِهَا، إِلَّا لِمُنْشِدٍ عَلَى الدَّوَامِ] (٢/ ٩٨٨) برقم: [١٣٥٥].
(٧) أثبته من (ب).
(٨) انظر: المبسوط (٤/ ٩٧).