للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والحالة هذه).

أي: أتى بشيء من أفعال العمرة، وعليه دم بالرفض أيهما رفضه لكن هو دم جبر لا شكر على ما يأتي حتى لا يباح له أن يتناول منه بمنزلة دماء الكفارات.

فإن قيل: هلا لزمه دمان لحرمة كل واحد من الإحرامين، قلنا: لأنه غير ممنوع من أحدهما، فالنقصان حيثُمَّا تمكّن في أحدهما، فلذلك لزمه واحدكذا في «الفوائد الظهيرية» (١)، فكان في معنى المحصر من حيث [أنه] (٢) تحلل قبل أوانه؛ لتعذر المضي على وجهه، وفي رفض الحجّ قضاؤه، وعمرة أما الحجّ فلأنه صح شروعه فيه، ثُمَّ رفضه، وأما العمرة فلأنه في معنى فائت الحجّ، وفائت الحجّ يتحلل بأفعال العمرة بالحديث.

(غير أنه منهي عنهما).

أي: عن إحرام الحجّ، وإحرام العمرة جميعًا (٣)، وفي نسخة شيخي -رحمه الله- بخطه (منهي عنها) أي: عن العمرة أو هي المتعينة للرفض إجماعاً فيما إذا لم يشتغل بطواف الحجّ، والكلام فيه؛ لأنها هي الداخلة في وقت الحجّ، وبسببها وقع العصيان كذا ذكره فخر الإسلام -رحمه الله-.

(فإن حلق في الأولى لزمته الأخرى) (٤).

أي: فإن كان حلق في الحجّة الأولى، ثُمَّ أحرم بحجة أخرى لزمته الأخرى (٥)، ولا دم عليه، وأما إذا لم [يحلق] (٦) في الأولى، ثُمَّ أحرم بحجة أخرى لزمته الأخرى أيضًا، ولكن عليه دم.

(قصر أو لم يقصر).

أي: حلق بعد إحرام الحجّة الأخرى أو لم يحلق، وإنما عبّر بالتقصير عن الحلق؛ لأن وضع المسألة في قوله: (من أحرم بالحجّ، ثُمَّ أحرم).

يتناول الذكور، والإناث؛ لأنه ذُكر بكلمة مَنْ فذكر أولًا لفظ الحلق، ثُمَّ ذكر لفظ التقصير لما أن الأفضل في حق الرجل الحلق، وفي حق النساء التقصير.

لأن الجمع بين إحرامي الحجّ أو إحرامي العمرة بدعة، وذكر الإمام التمرتاشي: الإحرام بحجتين أو عمرتين أو بحجة، ثُمَّ بحجة وعمرة، ثُمَّ بعمرة صحيح في حق الإيجاب دون الأداء؛ لأن الجمع أداء غير ممكن.

وعند محمد -رحمه الله- لا يصح؛ لأنه لا يمكن أداؤهما جملة، ولا ترتيب في أفعال إحديهما على الأخرى؛ لأنه غير مشروع، ثُمَّ عند أبي يوسف -رحمه الله- يرتفض إحداهما للحال؛ لأن الجمع في حق الأداء لم يصح؛ لأنه غير مشروع، وعند أبي حنيفة ما لم يشتغل بالأداء لا يرتفض؛ لأن التنافي في الأدائين، ولو أحرم بعمرة، ثُمَّ بحجة فهو قارن، وقد أحسن، ولو أحرم بحجة، ثُمَّ بعمرة إن لم يأت بشيء من أفعال الحجّ فهو قارن، وقد أساء حيث أدخل العمرة على الحجّة، وهو غير مسنون، ويقدم أفعال العمرة على أفعال الحجّ؛ لأنه كذا شُرع، ولو كان طاف للحج شوطًا.


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١١٦).
(٢) أثبته من (ب).
(٣) في (ب): جمعاً.
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٥٥).
(٥) في (ب): أخرى.
(٦) أثبته من (ب) وفي (أ) يتحقق، ولعل الصواب ماأثبته لموافقته سياق الكلام.