للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(وبالإحلالِ ينجو منْ العدوِ).

فإنه يرجع إلى أهله فيندفع به عنه شر العدو بخلاف المريض، فإن ما ابتلي به من المرض لا يزول بالتحلل، فلا يكون له أن يتحلل كالذي ضل [عن] (١) الطريق.

[وفي «المبسوط» (٢): وعند الشافعي (٣) ليس للمريض أن يتحلل إلا أن يكون شَرَطَ ذلك عند إحرامه، ولكنه يصبر إلى أن يبرأ، ولنا أن آية الإِحْصَار وردت في الإِحْصَار بالمرض بإجماع أهل اللغة، فإن قلتَ: كان من حق الكلام أن يقول: بإجماع أهل التفسير في هذا الموضع؛ لأن أهل اللغة لا تعلق لهم بورود الآية، وسبب نزولها، وإنما هو لأهل التفسير، فلو اشتغل أهل اللغة بذلك صاروا من أهل التفسير، فإنهم ما سُموا بأهل التفسير إلا لذلك، فحينئذٍ لا فائدة بقوله: بإجماع أهل اللغة، قلتُ: لأن (٤) هذا اللفظ منقول من «الجامع الصغير» (٥) لفخر الإسلام -رحمه الله- لكن بنوع تغيير، فبذلك التغيير وقع/ نوع من الخلل، فإن المذكور فيه، ولأصحابنا أن المراد بالآية المرض كذلك قال أهل اللغة: أن الحصر بالعدو، والإِحْصَار بالمرض، وهذا صحيح فإن معنى قوله: (أن المراد بالآية المرض) أي: يجب أن يكون المراد بالآية المرض نظراً إلى موضوعات اللغة كذلك قاله أهل اللغة لما أن استعمال الإِحْصَار في المرض، يعني: لو خُلينا، ومجرد النظر في استعمال الإِحْصَار في المرض يجب أن يكون المراد من الآية المرض، وذكر في «الأسرار» (٦).

فإن قيل: كيف يستقيم الحمل على المرض والآية نزلت في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم- وكان المنع (٧) بالعدو؟

قلنا: إن النصوص إذا وردت لأسباب لم (٨) تعلق بها إلا أن يكون السبب منقولاً معها كقول الراوي: «سها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسجد» (٩)، فأما إذا وردت مطلقة عن الأسباب فنعمل بظاهرها، ولا يحمل على السبب، ثُمَّ إن كان التأويل هو المنع مطلقًا عرفوا الإحلال بنص مطلق، وإن كان التأويل هو المنع بالمرض عرفوا الإحلال بالعدو بمدلول هذا اللفظ، فإن النص لمّا أباح الإحلال بمنع من جهة المرض، فالمنع من جهة العدو أولى بالإباحة؛ لأن منع العدو أشد، فإنه حقيقي لا مدفع له، ومنع المرض مما يزول بالدابة والمحمل.


(١) أثبته من (ب).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ١٠٧).
(٣) انظر: الخطيب في "مغني المحتاج" (٢/ ٣١٥).
(٤) في (ب): أن. وساقطة من (ج).
(٥) نظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٢٤).
(٦) انظر: الأسرار (ص ٤٨٧).
(٧) ساقطة من (ج).
(٨) في (ج): لا.
(٩) أخرجه أحمد في "المسند" باب: (٧/ ٣٧٠) برقم: [٤٣٥٨]، وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٦/ ٣١٩) برقم: [٦٥١٦]، وصححه ابن خزيمة في "صحيحه" باب: [ذِكْرِ الْمُصَلِّي يُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ سَاهِيًا] (٢/ ١٣١) برقم: [١٠٥٥].