للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأنه صلة).

والصلة عبارة عن أداء مال ليس بمقابلته عوض مالي.

[قوله] (١): (وغيرها).

كالنذور، والكفارات.

(لأنَّ الصحِيحَ هو المأمور به).

أي: الحجّ الصحيح هو المأمور به دون الفاسد، ثُمَّ لمّا لم يكن الفاسد مأمورًا به كان ما أداه من الفاسد واقعا عن الحاج، فكذلك يجب الدم في ماله أيضًا.

ثُمَّ لما قضى الحجّ في السنة الثانية على وجه الصحة لا يسقط به حج الميت؛ لأنه لمّا خالف في السنة الماضية بالإفساد صار الإحرام واقعًا عن المأمور، والحجّ الذي يأتي به في السنة القابلة قضاء ذلك الحجّ فكان واقعا عن المأمور أيضًا، كذا في «الجامع الصغير» (٢) لقاضي خان، وقال: لمّا بيّنا، ولمّا قلنا: راجع إلى قوله: (لأنه دم جناية، وهو الجاني عن اختيار).

وفي «المبسوط» (٣): وكل دم يلزم المُجهَّز، يعني: الحاج عن غيره فهو عليه في ماله؛ لأنه إن كان دم نُسك فإقامة المناسك عليه، وإن كان دم كفارة فالجناية وجدت منه، وإن كان دمًا بترك واجب، فهو الذي ترك ما كان واجبًا عليه، فلهذا كانت هذه الدماء عليه في ماله إلا دم الإِحْصَار، فإنه في مال المحجوج عنه في قول أبي حنيفة، ومحمد -رحمه الله- وقد ذكرناه.

أما الأول هو اعتبار الثلث. وحاصل ذلك: أن عند أبي حنيفة -رحمه الله- يوجد ثلث ما بقي فيحج به مرة أخرى، ويجعل الهالك كأن لم يكن، وعلى قول أبي يوسف -رحمه الله- أن (٤) [ما] (٥) بقي من الثلث الأول، وهو ثلث جميع المال مقدار ما يمكن أن يحج به، يحج عنه بما بقي، وإلا فتبطل الوصية، وعلى قول محمد تبطل الوصيةسواء بقي من الثلث الأول شيء أو لم يبق، بيانه (٦) إذا مات الرجل وترك أربعة آلاف، وأوصى بأن يُحج عنه، وكان مقدار الحجّ ألف درهم فأخذ الوصي (٧) ألفاً، ودفعها إلى الذي يحج [عنه] (٨)، فُسرق في الطريق في قول أبي حنيفة يؤخذ ثُلث ما بقي من التركة، وهو ألف درهم، وإن سرقت ثانيًا يؤخذ، ثلث ما بقي أخرى هكذا، وعند أبي يوسف يؤخذ ما بقي من ثلث جميع المال، وذلك ثلاثُمَّائة وثلاثة وثلاثون وثلث؛ وذلك لأن ثلث أربعة آلاف درهم ألف درهم وثلاثُمَّائة وثلاثون وثلث درهم، فلما دفع الوصي من هذا المجموع إلى الذي يحج عنه ألف درهم بقي هذا المقدار، فيُحج به فإن سُرق ثانيًا لا يؤخذ مرة أخرى.


(١) أثبته من (ب، ج).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٥٤).
(٣) انظر: المبسوط (٤/ ١٥٦).
(٤) ساقطة من (ب، ج).
(٥) أثبته من (ج).
(٦) صورة المسألة: رجل له أربعة ألاف درهم، أوصى بأن يحج عنه فمات، وكان مقدار الحج ألف درهم، فدفعها الوصي إلى من يحج عنه، فتوفي الحاج في الطريق، قال أبو حنيفة: يؤخذ ثلث ما بقي من التركة، وهو ألف درهم، فإن سرقت ثانيًا، يؤخذ ثلثه مرة أخرى، وقال أبو يوسف: يؤخذ ثلث ما بقي من ثلث جميع المال، وهو ثلاثُمَّائة وثلاثون وثلث درهم، فإن سرقت لا يؤخذ مرة أخرى، وقال محمد: إذا سرقت الألف التي دفعها أولًا، بطلت الوصية، فإن بقي فيها شئ يحج به لا غير.
انظر هذه المسألة مفصلة في: المبسوط (٤/ ١٦١)، البدائع (٢/ ٢٢٢)، الفتح (٣/ ١٥٧)، تبيين الحقائق (٢/ ٨٧)، البناية (٣/ ٨٦٠)، رد المحتار (٢/ ٦١١)، غنية الناسك ص (٣٢٩).
(٧) الوصي: مَن يُقام لأجل الحفظ والتصرّف في مال الرجل وأطفاله بعد الموت، والفرق بينه وبين القيّم أن الوصي يفوّض إليه الحفظ والتصرّف، والقيّم يفوّض إليه الحفظ دون التصرف. التعريفات الفقهية (ص/ ٥٤٣)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ٤٧٥).
(٨) أثبته من (ج).