للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقِيلَ: مِنْ بَيتِهِ).

وهو الأصح؛ لأنه هو المراد به عرفًا، ولهذا كان الأفضل أن يحرم من دويرة أهله، فإن ركب في الكل أراق دمًا، ويدل على وجوب الركوب من وقت الخروج

ما رُوي عن أبي حنيفة -رحمه الله- لو أن بغداديًا حلف، وقال: إن كلمت فلانًا، فعلي أن أحج ماشيًا، فلقيه بالكوفة، فكلمه فعليه أن يمشي من بغداد هذا كله من جامعي قاضي خان،/ والمحبوبي، و «الفوائد» (١).

(بِخِلافِ النِّكاحِ)؛ لأنه ما كان [للبائع] (٢) أن يفسخه).

فكذا للمشتري، وإنما لم يكن للبائع أن يفسخه إذا كان بإذنه لما أن النكاح حق الزوج، فقد تعلق حقه بإذن المالك، فلا يتمكن المالك فسخه، وإن بقى ملكه لتعلق حق العبد به كالراهن، وليس له ولاية (٣) الاستمتاع بالمرهون لتعلق حق المُرتهن به بإذنه، فلما كان كذلك قام المشتري مقامه بعد الشراء، فلذلك لا يكون له حق

الفسخ أيضًا.

وأما هاهنا فقد اجتمع في الجارية حقان حق الله في الإحرام، وحق المشتري في الاستمتاع، فيُقدم حق العبد لحاجة العبد وعدم حاجة الشرع، ألا ترى أنه إذا اجتمع القصاص، والقتل بقطع الطريق يرى لحق العبد، وهو القصاص، ولأنه ما من شيء إلا ولله تعالى فيه حق، فلو قدم حق الشرع عند الاجتماع يبطل حقوق العباد، وأن الإذن إنما يُحتاج إلى البقاء على الإحرام لا للابتداء، فإنه لو أحرم بغير إذن المالك صح، وله أن يحلله، والبقاء في ملك المشتري، وفي النكاح شرط الإذن في الابتداء، فإنه لا يصح بغير إذن، وقد وجد الإذن، فلم يكن بغيره إبطاله فإن أحرمت الحرة بحجة التطوع، ثُمَّ تزوجت هل للزوج أن يحللها؟

فعلى قول زفر -رحمه الله- "ليس له أن يحللها"، وعلى قول أبي يوسف -رحمه الله-: "له أن يحللها" وهو قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله - وأما لو أحرمت الحرة بإذن الزوج بحجة التطوع، ثُمَّ أراد الزوج أن يحللها ليس له ذلك بخلاف الأمة؛ لأن الحرة هي المالكة لنفسها غير أن للزوج فيها حقًّا، وحين يأذن لها بالإحرام، فقد أبطل حقه فيها، فلا يتمكن من إبطال إذنه بعد ذلك كالراهن إذا باع الرهن بإذن المرتهن لم يكن للمرتهن أن ينقض البيع بعده لما قلنا فهذا مثله، ثُمَّ المراد من التحليل فسخ الإحرام، ورفضه، وينفسخ الإحرام بتحقيق أدنى شيء من محظوراته في إحرام يقبل الفسخ، وذلك المحظور فعل لا قول كما في


(١) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٧٥).
(٢) أثبته من (ب) وفي (أ) للتابع. ولعل الصواب ما أثبته لموافقته أصل في الهداية.
(٣) ساقطة من (ج).