كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

كتاب النكاح - ج: 7 - ص: 10

وَيَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ (١)؛ بأن قالت المرأة بعتك نفسي أو قال أبو الابنة (٢) بعتك ابنتي بكذا وكذلك بلفظ الشّرى بأن قال الرجل لامرأته اشتريتك بكذا فأجابت بنعم كان أبو القاسم البَلْخِي– رحمه الله- (٣) يقول بانعقاده وإليه أشار مُحَمَّد (٤) -رحمه الله- في كتاب الحدود كذا في (الذّخيرة) (٥).

قوله -رحمه الله- والصّحيح احتراز عن قول أبي بكر الأعمش (٦) فإنّه يقول لا ينعقد بلفظ البيع لأنّه خاص لتمليك مال بمال والمملوك بالنكاح ليس بمال ولكنّ الصّحيح هو الانعقاد لأنّ البيع موجب ملكًا هو سبب لملك المتعة في محلّه.

قوله -رحمه الله-: وَلَا يَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ (٧) فِي الصَّحِيحِ (٨)؛ احتراز عن قول الكرخي (٩) فإنّه يقول: ينعقد بها لأنّ المستوفى بالنّكاح منفعة في الحقيقة (١٠) وإن جعل في حكم العين وقد سمّى الله تعالى العوض أجراً بقوله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (١١) فذلك دليل على أنّه بمنزلة الإجارة ولكن هذا فاسد فإنّ الإجارة شرعًا لا تنعقد إلا مؤقتة والنكاح لا ينعقد إلا مؤبدًا وبينهما مغايرة على سبيل المنافاة كذا في الْمَبْسُوطِ (١٢).

---

(١) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨)، ومنع الشافعي وأحمد النكاح بلفظ البيع، انظر: المجموع شرح المهذب (١٦/ ٢١٠)، جواهر العقود، لشمس الدين الأسيوطي (٢/ ١٥)، الحاوي الكبير، للماوردي (٩/ ١٥٢).
(٢) وفي (ب): (أب الابن).
(٣) أبو القاسم الصفار: هو أَحْمد بن عصمَة أَبُو الْقَاسِم الصفار الملقب حم بِفَتْح الْحَاء قَالَ فى الألقاب حم لقب أَحْمد بن عصمَة الصفار الْبَلْخِي الْفَقِيه الْمُحدث، ومات سنة (٣٢٦ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٣٧٦)، الطبقات السنية (١/ ١١٧)، الأعلام (٥/ ٥١).
(٤) مُحَمَّد بن الحسن: هو مُحَمَّد بن الحسن بن فرقد أبو عبدالله الشيباني، فقيه العراق، وصاحب أَبِي حَنِيفَةَ، أخذ بعض الفقه عن أَبِي حَنِيفَةَ، وتمّم الفقه على أبي يوسف، وأخذ عنه الشافعي، ومات سنة (١٨٩ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٩/ ١٣٤)، تاريخ بغداد (٢/ ٥٦١)، طبقات الفقهاء (١/ ١٣٥).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٦).
(٦) الأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو مُحَمَّد، الملقب بالأعمش علامة الإسلام، تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشأه ووفاته في الكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث، ومات سنة (١٤٨ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (٦/ ٢٢٨)، تهذيب التهذيب (٤/ ١٩٥).
(٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ٥٨)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٢٣٠)، ولا ينعقد النكاح بلفظ الإجارة عند الشافعي، انظر: المجموع شرح المهذب (١٦/ ٢١٠).
(٨) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٥٩).
(٩) الكرخي: هو أبو الحسن عبيدالله بن الحسن البغدادي الكرخي الفقيه الشيخ الإمام الزاهد، مفتي العراق وشيخ الحنفية، حدث عنه أبو بكر الرازي، وإليه انتهت رئاسة المذهب، وانتشرت تلامذته في البلاد، ومات سنة (٣٤٠ هـ).
يُنْظَر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ٤٢٦)، الجواهر المضية (١/ ٣٣٧).
(١٠) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٦١).
(١١) النساء: ٢٤.
(١٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٦١).