للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قول من قال: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ} [المائدة: ٦] من قبيل صنعة الالتفات (١) مما لا يكاد يصح بيان ذلك وهو أن «يا» حرف نداء يقتضي الخطاب، يستوي فيه نداء البعيد والقريب، «وأي» منادى مبهم، وهو يقتضي المضاف إليه، قيل: لأن أصله «أويٌ»؛ لأن «أيًّا» أبدًا بعض ما يضاف إليه، وبعض الشيء يأوي إلى كله إلا أن الواو قلبت ياءً لسبق الواو الساكنة على الياء، ولاستجابة الإضافة عوضوا عنه كلمة التنبيه مقحمةً.

وقوله: ({الَّذِينَ}) على وجهين: أما إن كان صفته ولفظ الجمع باعتبار أبهام «أي» وهو يوصف بالاسم الذي فيه الألف واللام كما في: [يا] (٢) أيها الرجل. وأصل «الذي» على زنة شجي وعَمِي، ثم [دخل] (٣) حرف التعريف عليه فكان هو بمنزلة اسم الجنس بحرف التعريف في كونه صفة له، كذا في «الإقليد» (٤).

وأما إن كان موصوف «الذين» محذوفًا؛ لأن الذي وضع وصلةً إلى وصف العارف بالحمل، «وأي» ليس بمعرفة فلا يكون «الذين» صفة له بل كان تقديره: يا أيها الناس الذين آمنوا، ويا أيها الرجال الذين، أو يا أيها المؤمنون الذين، والموصولات كلها غيب يلزم أن يكون صلتها، وهي: آمنوا مغايبة أيضًا وفاقًا لها حتى احتيج إلى التأويل في قول علي -رضي الله عنه- (٥):

«أنا الذي سَمَّتْني أمِّي حَيْدَرَة».

في وروده على خلاف القياس ذكره في الفائق (٦).


(١) الإلتفات: هو مخاطبة الغائب، وقيل: هو الاعتراض، وقيل: هو الاستدراك. انظر: البديع في البديع ص (٣٢)، لأبي العباس، عبدالله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد العباسي، المتوفى (٢٩٦ هـ)، الناشر: دار الجيل، ط ١ (١٤١٠ هـ-١٩٩٠ م).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) في (أ): «أدخل»، والتصويب من (ب).
(٤) الإقليد لتاج الدين: أحمد بن محمود بن عمر الجندي، وهو شرح لكتاب: المفصل في النحو، للعلامة جار الله أبي القاسم: محمود بن عمر الزمخشري، الخوارزمي، المتوفى سنة: (٥٣٨ هـ)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٧٧٦) لحاجي خليفة (ت ١٠٦٧ هـ)، الناشر مكتبة المثنى- بغداد ١٩٤١ م.
(٥) انظر: العين (٣/ ١٧٩)، غريب الحديث لابن قتيبة (٢/ ١٠١)، الدلائل في غريب الحديث (٢/ ٦٦٩)، غريب الحديث للخطابي (٢/ ١٧٩).
(٦) قالها علي -رضي الله عنه- يوم خبير: أنا الذي سمتني أمي حيده … كليت غابات كريه المنظره … أوفيهم بالصاع كيل السندره … انظر: الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري (١/ ٢٦٦).