للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قوله] (١) قلنا: ثبت النسخ بإجماع الصّحابة (٢) -رضي الله عنهم- أي ظهر ثبوت النّسخ الذي كان انتسخ وقت النبي -عليه السلام- بإجماع الصّحابة أي الصّحابة أجمعوا على أن نكاح المتعة قد انتسخ وقت النبي -عليه السلام- على ما ذكرنا من الأحاديث في نهي النبي -عليه السلام- عنه فكان إجماعهم منعقدًا على ثبوت ذلك النهي وإنّما احتجنا إلى هذا لما أنّ الإجماع لا يصلح ناسخًا لحكم الكتاب أو السنّة في المذهب الصّحيح لما عرف فكان تأويله ما قلنا.

ولنا أنّه أتى بمعنى المتعة لما أنّ توقيت الملك بالمدّة لا يكون إلا في المنافع التي تحدث في المدّة ولفظ النكاح يحتمل معنى المتعة لما أنّه في الحقيقة لملك التّمتع بالمرأة وإنما وقع الملك على المرأة شرعًا لا مقتضى لفظ النكاح فصار المحتمل من صدر كلامه محمولاً على الحكم من سياقه لما أنّ العبرة في العقود للمعاني كالمضاربة بشرط أن يكون الرّبح كلّه للعامل كان إقراضاً وبشرط أن يكون الربح كلّه لربّ المال كان إبضاعاً.

وكذلك الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة والحولة بشرط عدم براءة الأصيل كفالة اعتباراً للمعنى وإذا اعتبر المعنى كان متعة ففسد العقد لعدم ركنه وهو اللّفظ الموضوع لهذا العقد لا لشرط فاسد دخل عليه كذا في الأسرار وغيره.

فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا شرط وقت العقد أن يطلقها بعد شهر صحّ النكاح وبطل الشرط فيجب أن يصحّ إذا تزوّجها إلى شهر لما أنّ التّوقيت فيهما موجود.

قلت: هذا الذي ذكرته هو ممّا تشبث به زفر -رحمه الله- ولكن الفرق بينهما ظاهر وذلك لأنّ الطّلاق قاطع للنكاح فاشتراط القاطع بعد شهر لينقطع به دليل على أنّهما عقد العقد مؤبدًا، ألا ترى أنّه لو صحّ الشرط هناك لا يبطل النكاح بعد مضي شهر فههنا لو صحّ التّوقيت لم يكن بينهما عقد مضى الوقت كما في الإجارة كذا في الْمَبْسُوطِ (٣) ولا فرق بين ما إذا طالت مدّة التأقيت أو قصرت هذا احتراز عن قول الحسن بن زياد رحمه الله (٤).


(١) زيادة من (ب).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ١٩٥).
(٣) انطر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٥٣).
(٤) الحسن بن زياد: هو الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، أبو علي: قاض، فقيه، من أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ، أخذ عنه وسمع منه، وكان عالما بمذهبه بالرأي. ولي القضاء بالكوفة نسبته إلى بيع اللؤلؤ. وهو من أهل الكوفة، نزل ببغداد. وكان أبوه من موالي الأنصار. ومات سنة (٢٠٤ هـ).
انطر: الميزان (٢/ ٢٠٨)، الأعلام (٥/ ٢٤٥).