للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنّه قال: إن ذكرا من الوقت ما يعلم أنهما لا يعيشان إلى ذلك الوقت كمائة سنة أو أكثر يكون النكاح صحيحًا؛ لأنّ في هذا تأكيد معنى التأبيد، فإنّ النكاح يعقد للعمر بخلاف المدّة القصيرة وعندنا الكلّ سواء؛ لأنّ التّأبيد من شرط النكاح فالتّوقيت يبطل طالت المدّة أو قصرت، كذا في الْمَبْسُوطِ (١) ثم جميع المسمّى للتي تحلّ عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وعندهما يقسم على مهر مثلهما وهي مسألة الأصل أي الْمَبْسُوطِ ذكرها في آخر باب المهور فقال: فيه وحجّتهما أن الألف مسمّى بمقابلة البضعين، وإنّما التزمها الزّوج عند سلامة البضعين له فإذا لم [يسمّ] (٢) له إلا أحديهما لا يلزمه إلا حصّتهما من الألف، كما لو خاطب امرأتين بالنكاح بألف فأجابت أحديهما دون الأخرى، وكما لو اشترى عبدين فإذا أحدهما مدبّر، والدّليل عليه أنّ الانقسام جعل معتبراً في حق التي لا تحلّ له لما أنّها دخلت في العقد عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- حتّى لا يلزمه الحدّ بوطئها مع العلم، ومن ضرورة دخولها في العقد انقسام البدل المسمّى (٣)، وعندهما إنّما يجب الحدّ؛ لانتفاء شبهة الحلّ، فإنّ العقد لا ينعقد في غير محلّ الحلّ وسقوط الحدّ من حكم انعقاد العقد.

فأمّا الانقسام فمن حكم التّسمية لا من حكم انعقاد العقد كما لو أجابته إحدى المرأتين دون الأخرى، وأبو حنيفة-رحمه الله- احتج في ذلك وقال: ضم التي لا تحلّ له إلى [الشيء] (٤) يحلّ له في عقد النكاح لغو، فهو بمنزلة [ضم] (٥) جدار أو أسطوانة إلى المرأة في النكاح، وهناك البدل المسمّى كلّه بمقابلتها دون ما ضمّه إليها فكذلك ههنا، وبيان ذلك: أنّ النكاح تختصّ لمحل الحل؛ لأنّ موجبه ملك الحل، [وبين] (٦) الحلّ والحرمة في المحلّ منافاة، ففي حق المحرمة العقد مضاف إلى غير محلّه، وانقسام البدل من حكم المعاوضة، والمساواة في الدّخول في العقد، فإذا انعدم ذلك لا يثبت الانقسام، ألا ترى أنّه لو طلق امرأة ثلاثا بألف درهم كان بإزاء كلّ تطليقة ثلث الألف، ولو كان عنده بتطليقة واحدة (٧) فطلّقها ثلاثاً بألف درهم كانت الألف كلّها بمقابلة الواحدة، وهذا بخلاف ما إذا خاطبهما بالنكاح، [فأجابت أحديهما] (٨) لأنّهما استويا في الإيجاب حتّى لو أجابتا صحّ نكاحهما جميعًا فثبت حكم انقسام البدل بالمساواة في الإيجاب، وكذلك المدبّر مع العبد فإنّه قال مملوك فيدخل/ في العقد ثمّ يستحقّ نفسه بحق الحريّة، ولهذا لو قضى القاضي بجواز بيعه جاز وسقوط الحدّ على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- من حكم صورة العقد لا من حكم انعقاده وقد وجد ذلك في حق التي لا تحلّ له فأمّا انقسام البدل فمن حكم انعقاد العقد (٩).


(١) انطر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٥٣).
(٢) وفي (ب): (يسلّم).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٦٩).
(٤) وفي (ب): (التي).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) وفي (ب): [أي لو نفت امراته تطليقة واحدة كان يملكها بثنتين وبقيت طلقة واحدة] زيادة في الهامش.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٧٠).