للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله وجه الجواز أنّها تصرفت في خالص حقّها وهي من أهلها لكونها عاقلة/ مميزه.

فإن قلت: فما جواب أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف -رحمهما الله- عن الحديث الذي نفى النكاح بغير شهادة وبغير ولي في حديث واحد وهو قوله -عليه السلام-: «لَانِكَاح إِلَّابِوَلِيّ وشَاهِدَي عَدْل» (١) حيث اشترطا الشّهود بذلك الحديث ولم يشترطا الولي مع أنّ النّفي فيهما على نسق واحد بل نفي النكاح عند عدم الولي أهم لتقدم ذكره.

فإن قلت: جوز النكاح بغير الولي بالأدلّة التي ذكرنا من الكتاب والسنّة والمعقول وحملا الحديث الذي [هو] (٢) يقتضي اشتراط الولي على الأمة والمجنونة والصّغيرة فكانا عاملين بهما جميعًا أو حملًا اشتراط الولي على الاستحباب لقيام الدّليل عليه فإنّ المستحبّ أن لا تباشر المرأة العقد ولكن الولي هو الذي يزوّجها وجواز النكاح بغير الولي مرويّ عن عمر وعلي وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم- (٣) كذا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٤) لِقَاضِي خَانْ.

وأمّا اشتراط الشهود فقد ذكرناه فيما تقدّم.

قوله: وإنما يطالب الولي جواب إشكال يرد على قوله أنها تصرفت في خالص حقها بأن يقال فلما كان النكاح حقّها فلم أمر الولي بالتزويج لكن للولي الإعراض في غير الكفء أي للولي حق الفسخ إذا تزوّجت غير كُفْء ما لم تلد من الزّوج كذا في فتاوى قاضي خان والخلاصة (٥).

وأمّا إذا ولدت منه فليس للأولياء حق الفسخ لكيلا يضيع الولد عمّن يربيه.

ولكن ذكر في مبسوط (٦) شيخ الإسلام (٧): وإذا زوّجت المرأة نفسها من غير كُفْءٍ فعلم الولي بذلك فسكت حتّى ولدت أولادًا ثم بدا له أن يخاصم في ذلك فله أن يفرّق بينهما، لأنّ السكوت إنما جعل رضا في حق النكاح في حق البكر نصاً.


(١) رواه الشافعي بلفظ: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) (١/ ٢٩١)، ومصنف عبدالرزاق (٦/ ١٩٥)، والدارقطني (٤/ ٣١٨)، والطبراني (١٨/ ١٤٢)، البيهقي (٧/ ٢٠٢)، وقال الألباني في الإرواء: "صحيح لشواهده" (٦/ ٢٦١) برقم (١٨٦٠)
(٢) ساقط من (ب).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٢).
(٤) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٧٠).
(٥) الخُلَاصَة الغزاليَّة، وتسمى خُلاصة المختصر ونقاوة المُعتصر لحجة الاسلام أبي حامد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الغزالي (٥٠٥ هـ) الْكِتَاب مطبوع بمجلد واحد طبعته دار المنهاج بتحقيق أمجد رشيد مُحَمَّد علي.
(٦) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٥ - ٢٦).
(٧) هو كتاب الْمَبْسُوطِ لمُحَمَّد بن الحسن الشَّيْبَانِيّ رحمه الله ويطلق عليه الأصل عند الأحناف وهو مطبوع في خمس مجلدات بتحقيق أبو الوفا الأفغاني طبعته إدارة القرآن والعلوم الإسلامية في كراتشي.