للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان مُحَمَّد بن مقاتل -رحمه الله- يقول إذا استأمرها قبل العقد فسكتت فهو رضاء منها بالنصّ فأمّا إذا بلغها العقد فسكتت فلا يتم العقد لأنّ الحاجة إلى الإجازة ههنا والسّكوت لا يكون إجازة لأن هذا ليس في معنى المنصوص فإن السّكوت عند الاستئمار لا يكون ملزمًا وحين يبلغها العقد الرّضاء يكون ملزمًا فلا يثبت ذلك بمجرّد السّكوت لكنّه ما يقول هذا في معنى المنصوص لأن عند الاستئمار لها جوابان نعم أو لا فيكون سكوتها دليلاً على الجواب الذي يحول الحياء بينها وبين ذلك وهو يعم لما فيه من إظهار الرّغبة في الرجال وهو موجود فيما إذا بلغها العقد كذا في الْمَبْسُوطِ (١) وله نظائر كعزل الوكيل وحجر المأذون وإخبار المولى بجناية العبد.

الثيّب تشاور والمشاورة من باب المفاعلة فيقتضي وجود الفعل من الطّرفين وقد وجد النّطق من الولي فينبغي أن يوجد منها والدّليل على أنّ المراد هذا ما ذكر في رواية أخرى، والثّيب يعرب لسانها عنها فدلّ على أنّ النّطق شرط والمشاورة عبارة عن طلب الرأي بالإشارة إلى الوجه الصّواب وذلك لا يكون إلا بالنّطق كذا في مبسوطي شيخ الإسلام وفخر الإسلام -رحمهما الله- (٢).

الوثبة يعني الوثوب من فوق والطفرة إلى فوق عنست الجارية بمعني عنست عنوساً إذا صارت عانساً أي نصفاً [مبانة] (٣)، وهي التي لم تتزوّج وعنسها أهلها عن اللّيث كذا في المغرب (٤) لأنّها بكر حقيقة.

فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا اشترى جارية على أنّها بكر فوجدها زائلة البكارة بالوثبة فإن له أن يردها بأنّه لم يجدها بكراً فعلم أنّها ليست ببكر حقيقة.

قلت: إنها بكر على التّفسير الذي ذكر في الكتاب (٥) بأن يصيبها أوّل مصيب لها لكن ولاية الردّ باعتبار فوات شرط المرغوب فيه المثوبة الثّواب وإنّما سمى بها لأنها روجع إليها في العافية والمثابة الموضع الذي يثاب إليه أي يرجع إليه مرّة بعد أخرى والتّثويب هو الدّعاء مرة بعد أخرى ولأَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أنّ النّاس عرفوها بكراً [فيعتبرونها] (٦) بالنّطق فيكتفى بسكوتها.

فإن قلت: هذا تعليل في معرض النصّ وهو قوله -عليه السلام-: «الثَّيِّب تُشَاوَر» (٧) والتّعليل لإبطال حكم ثابت بالنصّ.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٣).
(٢) يُنْظَر: المبسوط، للسرخسي (٤/ ١٩٧ - ١٩٨)، العناية شرح الهداية (٣/ ٢٦٩).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) يُنْظَر: المغرب (١/ ٣٢٩).
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٢٧٠).
(٦) وفي (ب): (فيعيبونها).
(٧) سبق تخريجة (ص ١٣٩).