للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكذلك يقطع ولاية التّزويج قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} (١) الآية، نصّ على قطع الولاية بين من هاجر وبين من لم يهاجر حين كانت الهجرة فريضة فكان ذلك تنصيصاً على انقطاع الولاية بين الكفّار والمسلمين بالطّريق الأولى ويجري بينهما التوارث لأن لأنكحة الكفّار فيما بينهم حكم الصحّة إلا على قول مالك فإنّ أنكحتهم باطلة عنده لأنّ الجواز نعمة وكرامة ثابتة شرعًا فلا يجعل الكافر أهلاً لمثله ولكنّا نستدل بقوله تعالى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤)} (٢) ولو لم يكن لهم نكاح لما سمّاها امرأته وقال -عليه السلام-: «وُلِدْت مِنْ نِكَاحٍ وَلَمْ أُولَدْ مِنْ سِفَاحٍ» (٣) وهذه نعمة كما قال ولكن الأهلية لهذه النّعمة باعتبار صفة الآدمية.

وبالكفر لم يخرج من أن يكون من بني آدم فلا يخرج من أن يكون أهلاً لهذه النّعمة كذا في الْمَبْسُوطِ (٤).

ولغير العصبات من الأقارب كالأخوال والخالات والعمّات ولاية التّزويج معناه عند عدم العصبات أي عصبته كانت سواء كان عصبة تحل النكاح بينه وبين المرأة كابن العمّ أولاً يحل كالعم ثمّ بعد العصبات وإن تعدت مولى العتاقة ثم العصبة لمولى العتاقة ثم الأم ثم ذوي الأرحام/ الأقرب فالأقرب فإنّ الأقرب عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله -بعد العصبات الأم [ثم البنت] (٥) ثم بنت الابن ثم بنت البنت [ثم] (٦) ابن الابن ثم بنت بنت البنت ثم الأخت لأب وأم ثم الأخت لأب ثم الأخ والأخت لأم ثم أولادهم ثمّ العمات والأخوال والخالات وأولادهم على هذا التّرتيب ثمّ مولى الموالات ثمّ السلطان ثمّ القاضي ومن نصبه القاضي إذا شرط تزويج الصّغار والصّغاير في عهده وإذا لم يشرط فلا ولاية له، ثمّ إنّما يحتاج إلى الولي في الصّغير والصغيرة والمجنون والمجنونة وإذا زال الصّغر والجنون تزول الولاية عندنا. كذا في (المحيط) (٧) و (فتاوى) قاضي خان.

لهما ما روينا وهو قوله -عليه السلام-: «الإِنكَاح إلَى الْعَصَبَات» (٨)، ولم يوجد وإدخال الألف واللام دليل على أن جميع الولاية في باب النكاح إنّما تثبت لمن هو عصبة دون من ليس بعصبة وحجّة أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- في إجازته تزويج امرأته لابنتها فإنّ الأصحّ أنّ ابنتها لم تكن من عبد الله وإنّما جوز نكاحها بولاية [الأمومية] (٩) ثم قرابة الأب يقدمون باعتبار العصوبة وهذا لا يبقى ثبوتها لهؤلاء عند عدم العصبات كاستحقاق الميراث يكون بسبب القرابة وتقدم في ذلك العصبات ثم يثبت بعد العصبات لذوي الأرحام كذا في (الْمَبْسُوطِ) (١٠) وإذا عدم الأولياء فالولاية إلى الأمام.


(١) سورة الأنفال من الآية: ٧٢.
(٢) سورة المَسَد، الآية: ٤.
(٣) أخرجه الطبراني في الكبير (١٠/ ٣٢٩)، والبيهقي (٧/ ٣٠٧)، وحسنه الألباني في الارواء برقم (١٩١٤).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٢٤).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ٤٣).
(٨) قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الهداية: "حديث النِّكاح إلى العصبات لم أجده" اهـ، وبيّض له الزيلعي في نصب الراية، وقال أحمد شلبي في حاشيته على تبيين الحقائق: "لم يخرجه أحد من الجماعة ولا يثبت. اهـ، وقد ذكر ابن قدامة في (المغني)، وغيره من الحنابلة نحوه موقوقاً على عليّ -رضي الله عنه- بلفظ: "إذا بلغ النساء نصّ الحقائق فالعصبة أولى إذا أدركن"وهذا الأثر قد أورده البيهقي بسنده إلى معاوية بن سويد (وهو ابن مقرِّن المزني) قال: وجدت في كتاب أبي، عن عليّ -رضي الله عنه- أنَّه قال: "إذا بلغ النِّساء نصّ الحقائق فالعصبة أولى، ومن شهد فليشفع بخير"، الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (٢/ ٦٢)، نصب الراية للزيلعي (٣/ ١٩٥)، حاشية تبيين الحقائق (٢/ ١٢٢)، يُنْظَر المغني مع الشرح الكبير (٧/ ٣٥٠)،
البيهقي (٧/ ١٢١) نكاح، باب ما جاء في نكاح اليتيمة.
(٩) وفي (ب): (لامرأته).
(١٠) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٤/ ٢٢٣).