للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا إذا كان قادراً على المهر والنّفقة كان كفوًا لها وإن كانت صاحبة أموال عظيمة وبعض المتأخرين اعتبروا الكفاءة في كثرة المال بحديث عائشة -رضي الله عنها- (رأيت ذا المال مهيباً ورأيت ذا الفقر مهينًا وقالت: إن [أحساب] (١) أهل الدنيا المال) (٢)، والأصحّ أن ذلك لا يعتبر لأن كثرة المال في الأصل/ مذمومة قال -عليه السلام-: «هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ إلَّا مَنْ قَالَ بِمَالِهِ: هَكَذَا وَهَكَذَا» (٣) يعني يتصدّق به كذا في الْمَبْسُوطِ (٤).

لأنّه تجري المساهلة في المهور لأن الآباء يتحملون المهور الغالية عن الابناء ولا يتحملون النفقة الدّارة فلذلك إذا لم يكن قادراً على النّفقة لا يكون كفوًا وإن كان قادراً على المهر كذا في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٥) لِقَاضِي خَانْ وعن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- في ذلك روايتان في رواية لا يعتبر وهو الظّاهر حتى يكون البيطار كفوًا للعطار وفي رواية قال الموالي بعضهم أكفاء لبعض إلا الحائك والحجّام وقال أَبُو يُوسُف الكفاءة في الحرفة معتبرة حتّى لا يكون الحجّام والدّباع والحائك والكنّاس كفوًا للعطّار والبزّار والصّراف وهو أظهر الرّوايتين عن مُحَمَّد وقيل هذا اختلاف عصر وزمان ففي زمن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- الدناءة في الحرفة لا يعدّ منقصة فلم يعتبر وفي زمانهما تعدّ منقصة فاعتبرهما في الكفاءة كذا ذكره الإمام قاضي خان.

فللأولياء الاعتراض عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وعلى قول أبي يوسف ومُحَمَّد -رحمهما الله- لا يثبت للأولياء حق الاعتراض إلا أنّ قول مُحَمَّد لا يتحقّق في تزويجها نفسها وإنّما يتحقق فيما قال في كتاب الإكراه فيما إذا أكرهت المرأة والولي على أن يتزوّجها بأقلّ من مهر مثلها (٦).


(١) وفي (ب): (إحسان).
(٢) التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول ج (٥/ ١٦٢) للشيخ منصور على ناصف.
(٣) رواه أحمد في مسنده عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي نَخْلٍ لِبَعْضِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلَكَ الْمُكْثِرُونَ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حَثَا بِكَفَّيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ -، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ " (١٣/ ٤٤٧) رقم (٨٠/ ٨٥).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٥).
(٥) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِير (١/ ١٧٣).
(٦) مهر المثل عند الحنفية: هو مهر امرأة تماثلها من قوم أبيها وقت العقد سناً، وجمالاً، ومالاً، وبلداً، وعصراً. ينظر: القاموس الفقهي (ص ٣٤١).