للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم زال الإكراه ورضيت المرأة وأبى الولي أن يرضى فليس له ذلك في قول أبي يوسف ومُحَمَّد -رحمهما الله- لأنّ المهر من خالص حقها إلى آخره كذا في الْمَبْسُوطِ (١)، وذكر في الأسرار وعلى قول مُحَمَّد -رحمه الله- لا يتصوّر هاهنا.

وإنّما يتصوّرهما إذا طلبت التّزويج من الولي بكفؤ بدون مهر مثلها لم يجبر الولي عليه وعندهم جميعًا يجبر وذكر في الْمَبْسُوطِ (٢) ثم فيما فيه الاعتراض للولي لو طلق زوجها قبل تفريق القاضي وقبل أن يدخل بها كان لها نصف ما سمّى لها لأنّ الطّلاق قبل الدّخول مسقط للطّلاق قياساً إلا أنا أوجبنا لها نصف المسمّى بالنصّ وإن فرّق القاضي بينهما فإن كان قبل الدّخول بها فلا شيء لها لأنّه فسخ أصل النكاح بهذا التّفريق.

قوله: وقد صحّ ذلك (٣) أي الرّجوع وهذه شهادة صادقة عليه أي وهذه المسألة شهادة صادقة على الرجوع ويعيّرون بنقصانها فأشبه الكفاءة.

فإن قيل: لم يشبه الكفاءة لما أنّ بينهما فرقاً في ذلك وهو أنّ الشّرع قد ندبنا إلى رخص الصّداق ولم يندبنا إلى ترك الكفاءة وكذلك رسول الله -عليه السلام- لم يضع بناته في غير الأكفّاء وزوجهنّ بأدنى الصّداق (٤) فإنّه ما زاد على أربع أوقية ونشٍ ومهورهن كانت فوق مهور سائر النّساء؛ لأنّ الزّيادة بقدر الشّرف ولم يزل الشرف كان لقريش قلنا أن الرّخص مندوب إليه وطلب تمام مهر المثل مباح وكذلك المندوب في الإسلام أن يضع الرجل ابنته عند الأكرم عند الله وإن كان دونها في النّسب، فلما كان كذلك كان في كلّ واحد منهما معنى النّدب ولا كلام فيه إنّما الكلام في أنّ الأولياء يتعيرون بنقصان مهورهنّ كما في عدم الكفاءة وفيه إلحاق الضّرر بنساء العشيره أيضاً فإن من تزوّج منهنّ بعد هذا بغير مهر فإنّما يقدّر مهرها بمهر هذه فعرفنا أن في ذلك ضرراً عليهنّ.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٤).
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٣ - ١٤).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ٢٠٢).
(٤) الْفرق بَين الْمهْر وَالصَّدَاق: أَن الصَدَاق اسْم لما يبذله الرجل للْمَرْأَة طَوْعًا من غير إِلْزَام، وَالْمهْر اسْم لذَلِك وَلما يلْزمه وَلِهَذَا اخْتَار الشروطيون فِي كتب المهور صَدَاقهَا الَّذِي تزَوجهَا عَلَيْهِ وَمِنْه الصداقة لِأَنَّهَا لَا تكون بإلزام وإكراه وَمِنْه الصَّدَقَة ثمَّ يتداخل الْمهْر وَالصَّدَاق لقرب مَعْنَاهُمَا. ينظر: الفروق اللغوية للعسكري (ص ١٦٩).