للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنّ العشرة في كونها صداقاً لا يتَجَزَّأ وذكر بعض ما لا يتَجَزَّأ كذكر كلّه كما لو تزوّج نصفها صحّ النكاح في جميعها.

والثّاني: أنّ الإمهار إلى تمام العشرة حق الشّرع، وما زاد على ذلك حقها فإذا رضيت بالخمسة فقد أسقطت ما هو حقها، وبعض ما هو حق الشّرع فيعمل إسقاطها فيما هو حقها، وهو الزّيادة على العشرة، ولا يعمل في حق الشّرع، كذا في الْمَبْسُوطِ (١).

قوله: ولا ترضى فيه بعوض يسير فلما كان كذلك لا يكون عدم التّسمية دليلاً على الرضاء بالعشرة فلا تجب العشرة لذلك بل يجب مهر المثل لأنّ بالدخول يتحقق تسليم المبدل وهو البضع وبه يتأكّد تسليم البدل أي بتسليم المبدل يتأكّد تسليم البدل وهو المهر كما في تسليم المبيع في باب البيع يتأكّد وجوب تسليم الثّمن لأنّ وجوب الثّمن قبل ذلك كان على ضعف ووهاء لأنّه كان على عرضته أن يهلك المبيع في يد البائع وينفسخ البيع وبتسليمه يتأكّد وجوب الثّمن على المشتري فكذلك ههنا كان وجوب المهر على ضعف ووهاء لأنّه كان على عرضيّه إن قبلت المرأة ابن زوجها أو ارتدت والعياذ بالله فيسقط جميع المهر والشيء بانتهائه يتقرر فكذلك ههنا النكاح بالموت يتقرّر والدّليل عليه جريان الإرث بينهما فإنّ الإرث سببه أمّا النّسب أو السّبب ولا نسب ههنا فكذلك لا سبب سوى سبب النكاح فعلم به أنّ النكاح بينهما باق تقديراً فيتقرر بجميع مواجبة أي فيما يمكن تقريره مثل الإرث والعدّة والمهر والنّسب ولكن لا يتقرّر في حق وجوب النّفقة وفي حق وجوب النّفقة وفي حق حل التزوّج بعد انقضاء العدّة.

قوله: وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ [بِهَا] (٢) وَالْخَلْوَة (٣). أي بعدما سمّى لها مهراً.

قوله والْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ (٤) جواب سؤال مقدّر وهو أن يقال ينبغي أن يسقط الكلّ لأنّ بالطّلاق قبل الدّخول يعود المعقود عليه سالمًا إليها فيجب أن يسقط كلّ البدل كما إذا تبايعا ثم أقالا فأجاب عنه وقال إن ههنا قياساً آخر يقتضي وجوب كل المهر لأنّه فوت ما ملكه باختياره فصار كمن اشترى شيئاً.

ثم باعه من آخر وكمن أعتق عبده فهذا الوجه يوجب تأكّد جميع البدل فعلم أنّ القياسين متعارضان فتركناهما وأخذنا بالنّص كذا ذكر الأستاذ (٥) المحقق -رحمه الله-.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٨٢).
(٢) زيادة من البداية (١/ ٦٢).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدى (١/ ٦٢).
(٤) يُنْظَر: الهداية (٢/ ٤٩٠).
(٥) إذا ذكر الأستاذ عند الأحناف فالمقصود به فخر الدين المايمرغي. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٢١٣).