للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك المدبرة وابن أمّ الولد ومعتق البعض عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- والمهر دين في رقبته تباع فيه ثم إذا بلغ في مهرها ولم يف الثّمن لا يباع ثانياً لأنّه [بيع] (١) في جميع المهر ويطالب بالباقي بعد العتق وفي دين النّفقة تباع مرّة أخرى لأنّه يجب شيئاً فشيئاً فإن مات سقط المهر والنفقة لأن محلّ الاستيفاء قد فات كذا ذكره الإمام التمرتاشي-رحمه الله- وإذا زوج عبده أمته لا مهر لها عليه، واختلف المشايخ فيه منهم من قال: يجب المهر ثم يسقط، ومنهم من قال: لا يجب وهذا أصحّ؛ لأنّ الوجوب وإن كان حقاً لله تعالى فإنما يجب حقاً لله تعالى للمولى ولو جاز وجوبه للمولى ساعة لجاز وجوبه أكثر من ساعة كذا في فتاوى الإمام الولوالجي والمحيط (٢)، وذكر في الْمَبْسُوطِ (٣) لا مهر لها عليه؛ لأنّ المهر لو وجب كان للمولى، وإنّما وجب في مالية العبد وماليته مملوكة [للمولى] (٤)، فلا فائدة في وجوبه أصلاً، وعلى طريق بعض أصحابنا يجب ابتداء لحق الشّرع ثم يسقط لقيام ملك المولى في رقبة الزّوج، فقال المولى طلقها أو فارقها فليس هذا إجازة بخلاف ما إذا زوّج الفضولي رجلاً امرأة فلما بلغ الخبر إليه قال طلقها حيث يكون إجازة لأنه يملك التّطليق بالإجازة فيملك الأمر به أيضاً كذا في الفوائد الظهيريّة ولأنّ [فعل] (٥) الفضولي إعانة وليس بتمرّد فكان الردّ أليق في العبد لأنّه متمرد ولأنّ الضّرر منجبر في حق الزّوج يملك بضع يقابله.

بخلاف ضرر المولى فلذلك افترقا وقال ابن أبي ليلى-رحمه الله- في مسألة الكتاب فقوله طلقها يكون إجازة لأنّه أمر بالطّلاق والمطلق ينصرف إلى الجائز.

ولنا أنّ الأمر بالطّلاق يحتمل الأمر بالمتاركة وليس في هذا الكلام ما يدلّ على الإجازة والرضاء فلا يثبت الإجازة حتّى لو قال أوقع عليها تطليقة أو طلّقها تطليقة يقع عليها يكون إجازة لأنّ وقوع الطّلاق يختص بالنكاح الجائز فيكون إجازة كذا ذكره الإمام شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ -رحمه الله- (٦).

فإن قلت: ما الفرق بين هذه الصّورة وبين ما إذا قالت المرأة لرجل طلقني كان إقرار منها بالنكاح وكذلك لو زوّج الرجل فضولي أربعًا في عقده وثلاثاً في عقده وبلغه الخبر فطلق إحدى الثلاث أو إحدى الأربع بغير عينها كان إجازة منه لنكاح ذلك الفريق.


(١) ساقط من (ب).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٣/ ١٣٠).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٢٨).
(٤) زيادة من (ب).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) يُنْظَر: المبسوط (٥/ ٢٢٨).