للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: أما الأوّل فإنّ الظّاهر من حالها مباشرة النكاح الصّحيح فحمل عليه وهنا دليل الفساد ظاهر وهو تمرّد على مولاه بالنكاح بغير إذنه.

وأمّا الثّاني فإنّ قول الزّوج لا يصحّ إلا بأن يحمل على الطّلاق لأنّه إن وقع في التي صحّ نكاحهن صحّ كلامه وإن وقع في التي لم يصح نكاحهنّ لا يصحّ كلامه فجعل منه إجازة للعقد تصحيحًا لكلامه وههنا قول المولى صحيح في الحالين سواء كان أمراً بالطّلاق أو بالمتاركة [لما أنّ قوله طلّقها يصلح أمراً بالمتاركة فإنّ الطّلاق في النكاح الفاسد والموقوف يكون متاركة] (١)، ويصلح أن يكون أمراً له بالطّلاق عن النكاح في الأول لا يصلح أن يكون إجازة وفي الوجه الثّاني يصلح فلا يكون إجازة بالشّك كذا ذكره الإمام التمرتاشي والإمام المحبوبي - رحمهما الله -؛ لأن الطلاق الرجعي لا يكون إلا في النكاح الصّحيح.

فإن قيل: إذا قال المولى لعبده كفر يمينك بالمال لا يثبت العتق وإن كان التكفير بالمال لا يتحقق إلا بعد العتق.

قلنا: الاعتاق إثبات الأهلية في التصرفات الشّرعية بطريق الأصالة وما هذا حاله لا يثبت في ضمن نوع من التصرفات كالإيمان لا يثبت في ضمن خطاب الشّرائع فلذلك لم يخاطب الكفار بأوامر الشّرائع لما عرف.

وأمّا ههنا ما هو الأصل وهو أصل شرعيّة النكاح فثابت للعبد لأنّه يبقى على الحريّة في خصائص الآدمية وإنما توقف النفاذ إلى إذن المولى وهو فرع على أصل النكاح فصحّ أن يثبت النفاذ ضمنًا لما يقتضي النكاح الصّحيح وهو الأمر بالطّلاق الرجعي ومن قال لعبده تزوج هذه الأمة ليس في ذكر الإشارة بالتعيين وفي ذكر الأمة بالتقييد كثير فائدة فإنّ الحكم في غير المعيّن وفي غير الإماء كذلك لأنّه قال في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢) لِقَاضِي خَانْ-رحمه الله-:

وكذا لو أمره أن يتزوّج امرأة ولم يعيّن فتزوج امرأة نكاحاً فاسدًا ثم تزوّج أخرى نكاحاً جائزًا أو حدّد النكاح في الأولى لوصف الصحّة عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لا يجوز وعندهما يجوز بناء على أصل مذكور في الكتاب وهو قوله وأصله أنّ الإذن في النكاح ينتظم الفاسد والجائز عنده ألى اخره. ويبتنى عليه حكمان أحدهما ما قلنا أنّه يباع في المهر عنده.

وعندهما لا يباع والثّاني إذا تزوجها بوصف الصحّة بعد ذلك عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لا يجوز لانتهاء الإذن بالعقد وعندهما يجوز.


(١) ساقط من (ب).
(٢) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٨٨).