للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله -رحمه الله-: لهما أنّ المقصود من النكاح في المستقبل الإعفاف (١) إلى أن قال: ولهذا لو حلف لا يتزوّج (٢) إنّما قيّد بالمستقبل لأنّه لو حلف وقال أنّه ما تزوّج امرأه في الماضي وقد كان تزوج فاسدًا أو صحيحًا كان حانثاً في يمينه كذا في الْمَبْسُوطِ (٣) كما في البيع أي أن أمره بالبيع فإن أمره به يتناول الجائز والفاسد ومثله اليمين ممنوعة على هذه الطريقة وهي طريقة أجزاه اللّفظ المطلق على إطلاقه فكان إشارة إلى أوّل النكتة ولئن كان قول الكل فالعذر لأَبِي حَنِيفَةَ-رحمه الله- أنّ ثمة تقيد بالعرف ومبنى الإيمان على العرف وكذلك التّوكيل في النكاح عند أَبِي حَنِيفَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٤) لِقَاضِي خَانْ.

وأمّا قولهما المراد بالنكاح الإعفاف والتحصين قلنا الإعفاف الحاصل من النكاح ليس في يد المولى فإنّه إنّما يكون بداوم النكاح ودوامه ليس في يده مع أنّ العفة أمر باطن فليس هو في يد المولى أيضاً ومن زوج عبدًا مأذونًا [له اي مأذوناً له] (٥)، ومديونًا ومعناه إذا كان النكاح بمهر المثل أو أقلّ من ذلك حينئذ تكون المرأة أسوة للغرماء.

وأمّا إذا كان المسمّى أكثر من مهر المثل فإنّها لا تساوي الغرماء بل يؤخر حقها إلى استيفاء الغرماء ديونهم كدين الصحّة مع دين المرض.

قوله: -رحمه الله- وَالنِّكَاحُ لَا يُلَاقِي حَقَّ الْغُرَمَاءِ بِالْإِبْطَالِ (٦) إلى آخره جواب سؤال مقدّر وهو أن يقال النكاح يلاقي حق الغرماء بالإبطال مقصودًا فيجب أن لا تكون المرأة أسوة للغرماء بل يجب أن يدرأ بدين الغرماء أولاً كما لو قتل العبد رجلاً عمدًا فصالح المولى مع الولي على رقبته بدي بدين الغرماء.

وكذا لو خلع أمته المديونة المزوجة على رقبتها وزوجها عبد بدي يدين الغرماء.

فأجاب عنه بهذا وتفسيره هو أن النكاح لما صحّ بالدّليل وهو قيام ملك الرقبة والحاجة إلى التّحصين وبقاء العبد على الحريّة في حق صحّة النكاح ثبت ما هو من ضرورته التي هو غير منفك عنه وهو لزوم المهر عليه لأنّ النكاح في الأصل أينما ثبت لا يثبت بدون المال رجوعًا إلى قوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (٧) إذ الباء للإلصاق ولا وجود للملصق به بدون الملصق فكان بثبوت المال هنا ضمنًا لصحّة النكاح ضرورة فكان بمنزلة ثبوت المقتضى عند ثبوت المقتضى فيراعى شرائط المقتضى المنصوص لكونه مقصودًا لا شرائط المقتضى المدرج لأنّه غير مقصود وأمّا في تينك المسألتين فالعفو والخلع الذي أصله الطلاق ينفكان عن المال فكان إيجاب المال هناك مضافاً إلى المولى.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ٢١٦).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (١/ ٢١٦).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٢٧).
(٤) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ٢٧٣).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥٠٩).
(٧) سورة النساء من الآية: ٢٤.