للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف الشّافعي (١) مقام خلاف زفر والجامع ما بيّناه وهو قوله أنّه منع المبدل قبل التّسليم.

قوله -رحمه الله-: حَتَّى تَجِبَ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ (٢)؛ أي فيما إذا كان قبل المولى خطأ وكذلك يجب الضّمان على المولى إن كان عليها دين توضيحه أن بعد قبلها نفسها المهر لورثتها لأنّها ولم يوجد من جهة الورثة ما يكون تفويتًا للمعقود عليه وقد بيّنا أنّ القتل موت في حق غير القاتل ولأن قتل الحرّة نفسها لو اعتبر تفويتًا إنّما يعتبر بعد الموت وبالموت انتقل المهر إلى الورثة فلا يسقط بتفويتها.

أمّا في الأمّة مهرها ملك المولى فكان فعله بإبطال المبدل إبطالاً لحق نفسه وهو يملك إبطال حق نفسه هذا كمن قال لغيره اقتل عبدي فقتله لا تجب القيمة على القاتل.

والحرّ إذا قال لرجل اقتلني كان عليه ديته ولا يصح إذنه في إبطال حق الورثة كذلك ههنا.

فإن قيل: هذا يشكل بالحرّة إذا قتلها وارثها فإنّه لا يسقط المهر أيضاً.

قلنا: إنما لا يسقط المهر لأنّ الوارث صار محرومًا عن الميراث فلم يصر مبطلاً حق نفسه في المهر فلذلك لم يبطل المهر بإبطال حقّه في المهر كذا في الْمَبْسُوطِ (٣)، والْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٤) لِقَاضِي خَانْ وإذا تزوّج أمة فالإذن في العزل إلى المولى هذه المسألة يدلّ على جواز العزل خلافاً لما قاله بعض النّاس.

أمّا الجواز فلقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٥). قال بعض المفسّرين إن شئتم عزل أو إن شئتم غير عزل. وذلك أنّ اليهود كانوا يكرهون العزل ويقولون هو الودّة الصّغرى فنزلت هذه الآية بالإباحة وعن ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه سئل عن العزل فقال لا بأس به ولو أنّ الله تعالى أخذ ميثاق نسمة فلو القيتها في صخرة تخلق فيها (٦). وروى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -عليه السلام- مثله ثمّ أجمعوا على أنّها لو كانت حرّة فالإذن في ذلك إليها ولو كانت مملوكة غير منكوحة لا إذن فيه إلى أحد وفي المنكوحة لو كانت أمة اختلفوا في تعيين الإذن كما ذكر في الكتاب وفي كراهية الفتاوى إن خاف من الولد السّوء يسعه أن يعزل عنها وإن كانت حرّة لسوء الزّمان.


(١) يُنْظَر: المهذب (٢/ ٥٨).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥١٠).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١١٦).
(٤) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٨٧).
(٥) سورة البقرة من الآية: ٢٢٣.
(٦) رواه مسلم كتاب النكاح باب حكم العزل (٢/ ١٠٦٢) برقم (١٤٣٨).