للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا لو عالجت في إسقاط الولد لا يأثم ما لم يستبين شيء من خلقه فإن ذلك لا يكون ولدًا وخلقه إنّما يستبين في مائة وعشرين يومًا ثم إذا عزل بالإذن أو بغير الإذن فظهر بها حبل بعد ذلك هل تحلّ له ففي هذا الحبل قالوا هو على وجهين.

أمّا إن عاد إلى مباشرتها بعد العزل. أو لم يعد فإن لم يعد حلّ له ذلك وإن عاد فهو على وجهين: إن بال قبل العود حلّ له النّفي وإن لم يبل لا يحلّ لأنّ بقيّة المني يصل إلى رحمها فتعلق بذلك ولا يسعه نفيه هكذا روي عن علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- (١).

قال أبو حنيفة -رحمه الله- إن اغتسل الرّجل بعدما جامع امرأته قبل أن يبول ثمّ بال فخرج بقيّة المني أنّه يجب الغسل ثانياً ثم لم يذكر في الكتاب ان زوج الامه لو كان عنينا فحق الخصومه لمن يكون قالو فهو على هذا الاختلاف المذكور في العزل ولو قال لها بعد العده كنت راجعتك في العدّة فصدقه المولى وكذبته الأمة أو على العكس بأن كان صدقه الزّوج.

وكذبها المولى فالمعتبر قولها وقال القول قول المولى مع الزّوج لأنّ نصفها مملوك المولى فهو بتصديق الزّوج في الرّجعة أقر بالملك له فيما هو خالص حقّه فيصحّ إقراره وكما لو أقرّ عليها بالنكاح وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول حكم الرجعة يبنى على العدة والمعتبر في بقاء العدّة وانقضائها قولها لا قول مولاها فكذلك فيما يبنى عليه وهو الرّجعة كذا ذكره الإمام المحبوبي والإمام التمرتاشي -رحمهما الله- وإذا تزوّجت بإذن مولاها ثم أعتقت فلها الخيار وكذلك إذا زوجها مولاها فلها الخيار إن شاءت أقامت معه وإن شاءت فارقته لما روت أنّ عائشة -رضي الله عنها- لما أعتقت بربوة قال لها رسول الله -عليه السلام-: «ملكت بضعك فاختاري» وكان زوجها مغيث يمشي خلفها ويبكي وهي تأباه فقال رسول الله -عليه السلام- لأصحابه: «أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ شِدَّةِ حُبِّهِ لَهَا، وَبُغْضِهَا لَهُ» ثم قال لها: «اتَّقِي اللَّهَ فَإِنَّهُ زَوْجُك وَأَبُ وَلَدِك» فقال أتأمر لي يا رسول الله فقال: «لَا إنَّمَا أَنَا شَافِعٌ» فقالت: إذاً لا حاجة بي إليه فاختارت نفسها» (٢).

والشّافعي (٣) يخالفنا فيما إذا كان زوجها حراً واستدلّ الشّافعي بما روي أنّه كان لعائشة رضي الله عنها زوجان فأرادت عتقهما وسألت رسول الله عن ذلك فأمرها بالبداية بالغلام قال وإنّما أمرها بذلك كيلا يثبت لها الخيار ولكنّا نقول أمرها بذلك لإظهار فضيلة الرجال على النّساء فإنّها لو أعتقها معًا عنده لا يثبت الخيار أيضاً ومن طريق المعنى نقول الشّافع لما اعترض تحقّق المساواة بينهما فلا معنى لإثبات الخيار كالكتابة يجب مسلم إذا أسلمت أو المعسرة إذا سرت والزوح موسر بخلاف ما إذا كان الزّوج عبدًا فإن باعتراض وريثها هناك تنعدم الكفاءة ويظهر التفاوت ولكنّا نقول ثبوت الخيار لها ليس لانعدام الكفاءة فإنّ الكفاءة شرط لابتداء النكاح لا في البقاء.


(١) يُنْظَر: المبسوط (١/ ٦٧).
(٢) رواه البخاري كتاب الطلاق باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة (٧/ ٤٨) برقم (٥٢٨٣).
(٣) (قال الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فَإِنْ كانت تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الْخِيَارُ وَإِنْ كانت تَحْتَ حُرٍّ فَلَا خِيَارَ لها، يُنْظَر: الأم، باب الطلاق (٧/ ١٥٧).