للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: لو وطئ جارية ابنه وقال علمت أنها علي حرام لا يحد.

بخلاف الابن أو نقول أن حاجته إلى تملك الجارية ليست بكاملة لأنّها غير ضرورية.

ألا ترى أن الابن لا يجبر على أن يعطي أباه جارية ليستولد ولا يحلّ للأب أن يطأها راغباً في استيلادها فلقيام الحاجة أثبتنا له التملك ولعدم الضّرورة أوجبنا القيمة صيانة لمال الولد.

ثم هذا الملك يثبت قبيل الاستيلاد شرطًا له أي شرطًا للاستيلاد بيان هذا هو أنا أجمعنا من غير خلاف بيننا وبين زفر والشّافعي-رحمهما الله- (١) أن استيلاد الأب جارية [الابن] (٢) صحيح حتّى يثبت النّسب إذا ادّعاه بالإجماع وتصير الجارية أم ولد له والاستيلاد لا يصحّ إلا في الملك كما في جاريته ألقنّه أو في حق الملك كما في مكاتبته والجارية المشتركة بينه وبين أخر وذلك لأنّ النّسب لا يثبت إلا بالفراش لقوله -عليه السلام-: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (٣) أي لصاحب الفراش [والمرء إنّما يصير صاحب الفراش] (٤) بملك اليمين أو بملك النكاح وليس ههنا ملك النكاح والكلام فيه مكان الثّابت ملك اليمين وليس للأب ملك في مال ولده قبل الوطئ فيثبت الملك مقتضى الاستيلاد سابقاً عليه شرطًا لصحّته وهذا لأنّا أجمعنا على ثبوت الملك للأب في جارية الابن فبعد ذلك وقع الاختلاف بيننا وبين الشّافعي (٥) في تاريخ الملك فعنده يثبت الملك بصفة التأخر وعندنا يثبت بصفه التقدّم [والقول بالتقدّم] (٦) أولى صيانة لفعله عن الحرمة وصيانة للولد عن الرّق فلما لاقى وطئه ملكه بهذا الطّريق لم يجب العقر.

فإن قيل: فمن العجب أنّ الجارية إذا كانت مشتركة بين الأب والابن وولدت فأدعاه الأب يثبت النّسب فيجب العقر إجماعاً مع نوع ملك له ولا يجب فيما نحن فيه مع أنّه لا ملك للأب فيها أصلاً ووجوب العقر في تلك المسألة يدل على أن الملك لم يثبت سابق على الوطئ كما قال زفر والشّافعي-رحمهما الله- فلما لم يثبت الملك هناك لم يثبت هنا بالطّريق الأولى وكذلك أنّ الأب إذا وطئها وطئاً غير معلّق يجب العقر وكذلك إذا وطئ جارية ابنه ثم قذفه إنسان لا يحدّ ولو كان الملك نائباً بوصف التقدم لما وجب العقر في المسألتين ولوجب الحدّ في المسألة الثالثة.


(١) وفي (ب): (نحن).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) رواه البخاري كتاب الفرائض باب الولد للفراش حرة كانت أو أمة (٨/ ١٥٣) برقم (٦٧٤٩)، مسلم كتاب الرضاع باب الولد للفراش وتوقي الشبهات (٢/ ١٠٨٠) برقم (١٤٥٧). بلفظ «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ».
(٤) ساقط من (ب).
(٥) يُنْظَر: الوسيط (٥/ ١٨٧)، روضة الطالبين (٧/ ٢١٣).
(٦) ساقط من (ب).