للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: -رحمه الله- حَتَّى يَجُوزَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا (١) أي يجوز للأب التزوّج بجارية الابن هذا نتيجة عدم حقيقة الملك [وعدم حق الملك] (٢) إذ لو كان واحد منهما لا يجوز التزوّج كما في مملوكته ومكاتبته على ما قلنا وهذا الحكم أعني جواز التزوّج للأب مذهبنا فصار كأنّه قال أنّ للأب حق التمليك لقوله -عليه السلام-: «أَنْتَ، وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (٣) لا حق الملك ولا حقيقته عندنا والدّليل على أنّ المذهب هذا عندنا جواز حلّ التزوّج.

ولكن لم يذكر دليل عدم حقيقة الملك وحقه لظهوره إذ الفائز بالحكم هو الفائز بالسّبب والفائز بالسّبب هو الابن لا الاب.

فكذلك كان هو فائزًا بالحكم حتّى حلّ للابن وطئها ثم ذكر الإمام المحبوبي -رحمه الله- حرمة الوطئ أي وطئ جارية ولده فقال هو قول أكثر العلماء.

وقال ابن أبي ليلى-رحمه الله-: لا بأس للرّجل أن يطأ جارية ابنه إذا احتاج إليه وهو مذهب أنس بن مالك -رضي الله عنه- ولكن الصّحيح قول الأكثر [لما] (٤) قلنا.

وذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله- هذا إذا كان الأب حرًا مسلمًا أمّا إذا كان عبدًا أو مكاتباً أو كافراً لم يجز دعوته لعدم الولاية والجدّ كالأب عند عدمه فأمّا أبو الأم فلا؛ لأنّه لا ولاية له بحال؛ لأنّه صحّ التّزويج عندنا خلافاً للشّافعي (٥) [فوجه] (٦).

قوله: -رحمه الله- أن للأب حق الملك في مال ولده حتّى لو وطئ جارية ابنه مع علمه بحرمتها لا يلزمه الحد فلا يجوز له أن يتزوّجها كالمولى إذا تزوّج الأمة من كسب مكاتبة لأنّ حق الملك في مال ولده أظهر (٧).

ألا ترى أن استيلاده في جارية الابن صحيح واستيلاد المولى أمة مكاتبة لا يصحّ ولكنّا نقول ليس له في جارية ولده ملك ولا حق ملك فيجوز [له] (٨) أن يتزوّجها كأمة لابنه وأخيه وإنّما قلنا ذلك لأنّه [لا] (٩) يحلّ للابن أن يطأ جاريته بالاتفاق ولو كان لأبنه فيها حق ملك لم يحلّ له وطئها كالمكاتب فإنّه لا يحلّ له أن يطأ أمته لما كان للمولى فيها حق الملك فأمّا سقوط الحدّ فليس لقيام حق الملك له في الجارية ولكن لظاهر الإضافة في قوله -عليه السلام-: «أَنْتَ، وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» (١٠)، وهذا الظّاهر وإن لم يكن معمولاً به في إيجاب ملك أو حق ملك له فيها يصير شبهة في إسقاط الحدّ كالبيع بشرط الخيار لا يوجب الملك ولا حق الملك للمشتري ثم يسقط الحدّ به وكذلك العقد الفاسد من نكاح أو بيع قبل القبض ولا تصير أم ولده وهذا عندنا وقال زفر -رحمه الله- تصير أمّ ولد له.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥١٢).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) سبق تحريجه (ص ٢٦٧).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) يُنْظَر: روضة الطالبين (٧/ ٢١٣).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٢٣).
(٨) زيادة من (ب).
(٩) ساقط من (ب).
(١٠) سبق تحريجه (ص ٢٦٧).