وكذلك كفر من أصرّ منهما على الكفر لأنّه كان موجودًا قبل هذا وما كان مانعًا لابتداء النكاح ولا لبقائه وكذلك اختلاف الدّين فإن عينه ليس بسبب كما لو كان الزّوج مسلمًا والمرأة كتابية فلابدّ من أن يقرّر السّبب الموجب للفرقة لمّا تعذّر استدامة النكاح بينهما وذلك السبب عرض الإسلام على الكافر منهما لابطريق الإجبار عليه.
ولكن لأنّ بالنكاح وجب عليه الإمساك بالمعروف أو التّسريح بالإحسان والإمساك بالمعروف في أن يساعدها على الإسلام فإذا أبى ذلك تعين التّسريح بالإحسان فإذا امتنع من ذلك ناب القاضي منابه في التّفريق بينهما ولأنّ قرار النكاح يقف على زوال كفر الآخر لا زوال إسلام هذا فعلم أنّ الفرقة كانت بسبب كفر الباقي منهما دون الإسلام ثم إذا كانت المرأة هي التي أبت الإسلام حتى فرق القاضي بينهما كانت الفرقة بغير طلاق بالاتفاق وإن كان الزوج هو الذي أبى الإسلام كان الفرقة بطلاق عند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد -رحمهما الله- وعند أبي يوسف -رحمه الله- تكون الفرقة بغير طلاق.
وأمّا الفرقة بردّة المرأة فتكون بغير طلاق وردة الزّوج كذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف.
وفي قول مُحَمَّد يكون بطلاق وحجّة أبي يوسف في الفصلين أن سبب هذه الفرقة يشترك فيه الزوجان على معنى أنّه متحقق منهما وهو الإباء والردّة ومثل هذه الفرقة تكون بغير طلاق كالفرقة الواقعة بالمحرميّة وملك أحد الزّوجين صاحبه وحجّة مُحَمَّد في الفصلين أن سبب الفرقة قول من جهة الزّوج إمّا إباء أو ردّة فيكون بمنزلة إيقاع الطّلاق وهذا لأنّه يفوت الإمساك لهذا السّبب فيتعيّن التّسريح بالإحسان [والتّسريح](١) طلاق كما في العنين بهذا الطّريق وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول بالفرق بينهما من وجهين:
أحدهما أنّ الفرقة بالردّة كانت لفوات صفة الحلّ وذلك مناف للنكاح.
ألا ترى أنّ الفرقة لا تتوقف على قضاء القاضي فإنّه ينافي النكاح ابتداء وبقاء فيكون نظير المحرمية والملك وإنما إباء الإسلام فغير مناف للنكاح.
ألا ترى أنّ الفرقة لا تقع به إلا بعد قضاء القاضي بها فالفرقة بسبب غير مناف للنكاح إذا كان مضافاً إلى الزّوج يكون طلاقاً والثّاني أنّ في فصل الإباء لما كانت الفرقة لا تقع إلا بالقضاء أشبهت الفرقة بسبب العنية وفي مسألة الردّة لمّا لم تتوقّف الفرقة على القضاء أشبهت الفرقة بسبب المحرمية والملك.
ألا ترى أنّها تتم بالمرأة وليس إليها في الطّلاق شيء في الفصلين يقع طلاقه عليها مادامت في العدّة أمّا في الإباء فظاهر لأنّ الفرقة كانت بالطّلاق وأمّا في الردّة فلأنّ حرمة المحلّ بهذا السّبب غير متأيدة.