للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنّها ترتفع بالإسلام فيوقر على الطّلاق ما هو موجبه وهو حرمة المحلّ إلى غاية إصابة الزّوج الثّاني فلذلك يقع طلاقه عليها في العدّة بخلاف ما بعد المحرمية فإنّ حرمة المحلّ هناك مؤبدة فلا يظهر معه ماهو موجب الطّلاق كذا في الْمَبْسُوطِ (١)، والأسرار لم تقع الفرقة عليها حتى تحيض ثلاث حيض ثم تبين من زوجها هذا إذا أسلمت المرأة وهي تحيض وأمّا إذا كانت ممّن لا تحيض فلا تقع الفرقة ما لم يمض ثلاثه أشهر فإن أسلم الباقي منهما في المدّة فهما على النكاح وإلا فقد وقعت الفرقة بينهما عند مضي المدّة ثم المرأة إذا كانت هي المسلمة فهي كالمهاجرة ولا عدة عليها بعد ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وعندهما يجب عليها العدّة بعد وقوع الفرقة بثلاث حيض وإن كان الزّوج هو المسلم فلا عدة عليها بالإجماع كذا في شرح الطّحاوي (٢).

فعلم بهذا أنّ ما قالوا ثلاث حيض لأجل الفرقة وثلاث حيض أخرى لأجل العدّة لا يصحّ إجزاؤه على الإطلاق بل هو محمول على قولهما خلافاً لأَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- مقام السّبب وهو تفريق القاضي عند إباء الزّوج الإسلام كما في حفر البئر فإن الأصل أن يضاف التلف في وقوع البئر إلى الثقل لإنّه هو العلّة للسقوط والحفر شرطه لأنّ الأرض كانت مسئلة مانعة عمل الثقل فبالحفر زال المانع فعمل الثقل عمله فعلم به أنّه شرط لكن العلّة ليست بصالحة للحكم لأنّ الثقل طبع لا يفدى فيه والمشي مباح لا شبهة فيه فلم يصلح المشي عليه بواسطة الثقل وإذا لم يعارض الشرط ما هو علة أو للشرط شبة بالعلل كما يتعلّق به من وجود الحكم أقيم مقام العلّة في ضمان النفس والأموال جميعًا كذا ذكره فخر الإسلام-رحمه الله- في أصول الفقه فكذلك ههنا كان الأصل أن تضاف الفرقة إلى تفريق القاضي عند إباء الزّوج الإسلام ولكن هو غير ممكن لأن يد أهل الإسلام لا تصل إلى المصر منهما لتعرض عليه الإسلام ويحكم بالفرقة عند إبائه فأقيم ثلاث حيضات مقام ثلاث عرضات في تقرّر سبب الفرقة لما أن انقضاء ثلاث حيض شرط البينونة في الطّلاق الرجعي وشرط انقطاع علائق النكاح في الطّلاق البائن وإنّما كان كذلك لأنّ الزّوج صار غير مريد لها حين لم يساعدها على الاسلام وبعد ماصار غير مريد لها فالفرقة تقع بانقضاء ثلاث حيض كما لو طلقها إلا أنّ هناك إذا كان الطّلاق قبل الدّخول يمكن إثبات الفرقة [بنفسه لمباشرة الزوج سبب الفرقه] (٣)، وههنا لا يمكن إثبات الفرقة قبل الدّخول بدون انقضاء ثلاث حيض لأنّ الزوج ما باشر سبباً بل هو مستديم لما كان عليه فلذلك توقف انقطاع النكاح على انقضاء ثلاث حيض في الوجهين جميعًا كذا في الْمَبْسُوطِ (٤)، وبهذا خرج الجواب عمّا يرد على ما ذكر في الكتاب في قوله ولا فرق بين المدخول بها وغير المدخول بها.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٤٧).
(٢) يُنْظَر: شرح الطّحاوي (٤/ ٣٥٢ - ٣٥٨).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٥٧).