للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علم أنّ [القياس] (١) ليس بسبب للفرقة ولهذا أسقط الدّين عن ذمة المسمي يعني أنّ الحربي إذا سبي وعليه دين لآخر بطل بالسّبي كذا في الأسرار وهذا لأنّ السّبي سبب لملك ما يحتمل الملك ومحلّ النكاح محتمل للتملك فيصير مملوكًا للسابي لأنّه لو امتنع ثبوت الملك إنما يمتنع لحق الزّوج وهو ليس بحق محترم ولهذا قلنا لو كانت المسبية منكوحة لمسلم أو ذمي لا يبطل النكاح لأن مالك النكاح محترم واحتج هو أيضاً بقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٢) معناه ذوات الأزواج من النساء {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (٣) فإنّها محللة لكم وإنّما نزلت الآية في سبايا أوطاس وإنّما سبي أزواجهن معهنّ.

وحجّتنا في ذلك أن السبي سبب لملك الرقبة مالاً فلايكون مبطلاً للنكاح كالشّرى وهذا لأنّ المملوك بالنكاح ليس بمال فلا يثبت فيه التملّك بالسّبي مقصودًا لأن بملك البضع مقصودًا بسببه مختص بشرائط من الشهود والولي وذلك لا يوجد في السّبي فإنّما يثبت الملك هنا تبعًا لملك الرقبة وذلك لا يثبت إلا عند فراغ المحلّ عن حق الغير ونفس السّبي ليست بمنافية للنكاح.

ألا ترى أنّ مالك النكاح لو كان محترمًا لا يبطل النكاح مع تقرّر السّبي والمنافي إذا تقرّر فالمحترم وغير المحترم فيه سواء كما إذا تقرّر بالمحرميّة والرضاع وأمّا الدين فإن كان على عبد فسبي لم يسقط الدّين نص عليه في المأذون [وإن كان على حر فسبي يسقط لأنّه لما] (٤) صار عبدًا والدّين لا يجب على العبد إلا شاغلاً مالية رقبته فكذلك لا يبقى إلا شاغلاً للماليّة وحين كان واجباً على الحرّ لم يكن شاغلاً لماليّة الرقبة إذ لا ماليّة في رقبته فلا يمكن إبقاؤه إلا بتلك الصّفة وقد تعذر إبقاؤه بتلك الصّفة بعد السّبي.

ألا ترى أنّه لو كان الدّين لمحترم لا يبقى كذلك وبه يبطل.

قولهم أن السّبي يقتضي صفا المسبي للسّابي فإنّ مالك النكاح إذا كان محترمًا يبقى النكاح ولا صفا.

فإن قيل: يجوز أن يكون الدّين في الذمة بلا تعلّق في الرّقبة كالعبد يقر بدين.

قلنا: لا يجوز ذلك وإنّما لا يطالب إذا أقر لأنّه غير ثابت في حق المولى لأن إقراره ليس بحجة عليه حتّى إذا ثبت بالاستهلاك معاينة [تقع] (٥) فيه كذا في الْمَبْسُوطِ (٦) والأسرار.


(١) وفي (ب): (التباين).
(٢) سورة النساء من الآية: ٢٤.
(٣) سورة النساء من الآية: ٢٤.
(٤) ساقط من (ب).
(٥) وفي (ب): (بيع).
(٦) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٥٣).