للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذا خلاف النصّ، وهو قوله -عليه السلام-: "أن يستقبل الطهر استقبالاً" (١)، وهو غير متعرض طهراً أطلقها في الحيض الذي قبله أو لم يطلقها فيه.

قلنا: الطّهر مع الحيض المتّصل به، فصلٌ واحد من فصول العدة، فالطّلاق في الحيض كالطّلاق في الطّهر المتّصل به، فلو طلّقها في الطّهر حقيقة، لم يكن له أن يطلقها في ذلك الطّهر ثانيًا - على وجه السنّة - فكذلك إذا طلّقها في الحيض المتّصل بهذا الطّهر؛ لما أنّ السنّة أن يفصل بين كل طلاقين بحيضة؛ لأنّ اللام فيه للوقت.

فإن قلت: لما كانت اللام ههنا للوقت، كان تقدير كلامه أنت طالق ثلاثاً أَوْقَاتِ السَّنَةِ، فلو قال هكذا، ثم نوى إيقاع الثّلاث جملة السّاعة لا يصّح، بل يقع مفرقاً في ثلاثة أطهار، فيجب أن يكون ههنا كذلك، وليس ههنا كذلك بل تصحّ نيته جملة السّاعة بدليل.

قوله: (وَإِنْ نَوَى أَنْ يَقَعَ الثَّلَاثُ السَّاعَةَ) فهو على ما نوى، فما وجهه؟ (٢).

قلت: الفرق بينهما هو أنّ كلامه ههنا ذو وجهين؛ لما أنّ اللام ليس بصريح في الوقتـ بل يحتمله فترجح جانب الوقت بذكر السنة، ومطلق السنة ينصرف إلى الكامل، وهو السنّة وقوعًا وإيقاعاً؛ فلذلك انصرف إليه عند عدم النية.

أمّا جانب احتمال أن يكون اللام للوقت فباقٍ، فترجّح جانب أن لا يكون للوقت عند نيّة أن تقع جملة، وكان ذكر السنة منصرفاً إلى سنة من وجه دون وجه، وهو السنّة من حيث الوقوع.

وأمّا عند التّصريح بالوقت لم يحتمل عند وقت السنة، فانصرف [٣٢٣/ أ] لذلك إلى وقت السنّة كاملاً، وهو أن يكون وقوعًا وإيقاعًا، وهو إنّما يكون عند التّفريق على الأطهار

- إلى هذا أشار في «الفوائد الظهيرية» (٣) (٤) - أو نوى عند رأس كلّ شهر واحدة، فهو على ما نوى؛ لأنّ رأس الشّهر يحتمل أن يكون زمان طهرها فيكون سبباً مطلقاً.


(١) اخرجه الطبراني في المعجم الكبير (مسند عبدالله بن عمر بن الخطاب\ ١٣٩٩٧)، وَقَالَ البيهقى: "أَتَى عَطاء الخراساني فِي هَذَا الحَدِيث بِزِيَادَات لم يُتَابع عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيف". انظر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ٦٩)
(٢) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ١٩٤)، والمبسوط للسرخسي (٦/ ١٠٢).
(٣) الفوائد الظهيريةفي الفتاوى، لظهير الدين، أبي بكر: محمد بن أحمد بن عمر. المتوفى: سنة ٦١٩ هـ، جمع فيها: فوائد (الجامع الصغير الحسامي)، وهو مخطوط فيما أعلم. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٢٩٨).
(٤) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٦١).