للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحتمل أن يكون رأس الشّهر زمان حيضها، فيكون سنياً من حيث الوقوع، وكان متردّدًا بين أن يكون سنياً مطلقاً، وبين أن يكون سنياً من حيث الوقوع، ولو كان سنياً من حيث الوقوع قطعًا صحّت بينة، فهذا أولى كذا في «الجامع الصّغير» (١) (٢) لقاضي خان (٣)؛ لأنّه سنّي وقوعًا؛ لما ذكرنا أنّ وقوع الثّلاثة جملة من مذهب أهل السنّة والجماعة - بخلاف الروافض-؛ لما أنّه عرف صحة وقوعه بالسنّة، وهي ما روي عن النبي -عليه السلام- أنّه قال: «من طلّق امرأته ألفاً، بانت امرأته بثلاث والباقي رد عليه» (٤)، وما ذكرنا من حديث عبادة بن الصّامت -رضي الله عنه- أنّ قومًا جاءوا إلى النّبي -عليه السلام- … الحديث (٥).

فإن قيل: ما ذكرتم من المعنى موجود في الإيقاع؛ لأنّه إذا صحّ الوقوع صحّ الإيقاع لامتناع الوقوع بدون الإيقاع، فحينئذ يكون سبباً من حيث الإيقاع والوقوع.

قلنا: الوقوع لا يوصف بالحرمة؛ لأنّه ليس فعل المكلف (٦)، ولأنّه حكم شرعي، وحكم الشّرع لا يوصف بالبدعة، والإيقاع يوصف بها لكونها فعل المكلّف، فكان الوقوع أشبه بالسنّة المرضيّة، فلذلك قال سنّتي وقوعًا، بخلاف قوله: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أوقات لِلسُّنَّةِ؛ لأنّ هناك صرّح بالإضافة إلى الأوقات (٧).


(١) شرح الجامع الصغير، المؤلف حسن بن منصور المعروف بقاضي خان، حنفي، وهو غير مطبوع والله أعلم. ينظر: تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ١٥١).
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٠١).
(٣) قَاضِي خَانَ حَسَنُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مَحْمُوْدٍ البُخَارِيُّ هُوَ العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ صاحب الفتاوى سمِعَ الكَثِيْر مِنَ: الإِمَام ظَهِيْر الدِّيْنِرَوَى عَنْهُ: العَلاَّمَة جَمَال الدِّيْنِ مَحْمُوْد. له (الفتاوى)، (الأمالي)، و (شرح الجامع الصغير)، توفي سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ. انظر: سير أعلام النبلاء (٢١/ ٢٣٢)، و (الأعلام للزركلي (٢/ ٢٢٤)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ١٥١).
(٤) أخرجه الدارقطني في السنن (كِتَابُ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْإِيلَاءِ وَغَيْرِهِ/ ٣٩٢٨)، والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب الخلع والطلاق/ بَابُ مَا جَاءَ فِي إِمْضَاءِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ/ ١٤٩٧٦)، إسناده صحيح. انظر (إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٧/ ١٢٣).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) المكلف: هُوَ البالغ العاقلالمخاطب بأمر أو نهي. ينظر: المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ١٣٥).
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٤٨٤)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٦١)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٢٩٦).