للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا إذا قال: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هُنَا (إلَى الشَّامِ) (١)، فقد أثبت الطّول بطريق الكناية، وثبوت الشّيء بالكناية أقوى من ثبوته بالصّريح، فإن ثبوت الشيء بالكناية] ثبوت (٢) [بدليله ولا كذلك الصّريح (٣).

ألا ترى أن قولك: فلان كثير الرماد (٤)، أبلغ في إثبات الجود من قولك: فلان جواد، لما أن كثرة الرّماد أثر الجود وعلامته.

وأمّا قوله: جواد فمجرّد وصف لا غير، أو يقول جاز أن يوقع تعليل المسألة على مذهبنا فيقول: لما قال لامرأته أنت طالق من ههنا إلى الشّام، فقد وصف الطّلاق بالطّول وفي وصف الطّلاق بالطّول صريحًا عندكم تثبت البينونة فكذا في وصفه بالطّول بطريق الكناية عندي هذا كما علّل مسالة سقوط النيّة أصلاً في صوم رمضان من الصّحيح المقيم بالقياس على صاحب النصاب إذا وهبه من الفقير بعد الحول مع أنّ الزكاة لا تسقط عنده فيما إذا تصدّق بجميع النصاب على فقير واحد (٥).

قُلْنَا: لَا بَلْ وَصَفَهُ بِالْقَصْرِ إلى آخره وذكر الإمام التمرتاشي-رحمه الله- (٦) لنا أنّه من المرأة دون الطّلاق حتّى لو [٣٢٧/ ب] قال: أنت طالق] تطليقة (٧) إلى الشّام فنائن (٨)؛ لأنّ الطّول يكون صفة لا طلقة، وكذا لو قال: أنت طالق تطليقة طولها كذا وعرضها كذا، ولا يكون ثلاثاً وإن نوى؛ لأنّ الطّول والعرض يكون للشّيء الواحد، فلا يسع فيه نية الثّلاث، ولو اعتبر على رواية أنت طالق تطليقة شديدة أو طويلة أو عريضة، ونوى الثلاث، قيل: لا يكون ثلاثاً وقيل يكون؛ لأنّ الطّلاق لا يتخصّص بمكان دون مكان.


(١) بلاد الشام: هي من الفرات إلى العريش طولاً، ومن جبلي طيء إلى بحر الروم عرضاً؛ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الشام صفوة الله من بلاده وإليها يجتبي صفوته من عباده". ينظر: آثار البلاد وأخبار العباد (ص: ٢٠٥).
(٢) سقط من (ب).
(٣) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٢٢٢)، والاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٢٧).
(٤) كثير الرماد هُوَ كَثْرَة رماده وَمَعْنَاهُ أَنه كثير الضَّيْف. انظر: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون (٣/ ٢٠٣).
(٥) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (٤/ ٩٨)، والبحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٢/ ٣١٣).
(٦) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٨٥).
(٧) سقط من (أ).
(٨) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٨٥).