للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا لو قال: أنت طالق ثلاثاً ما لم أطلقك ولم أطلقك أنت طالق موصولاً، تقع واحدة ولا تقع الثلاث؛ لأنّ الثّلاث مضاف إلى الزّمان الحالي عن التّطليق، ولم يوجد ذلك الزّمان إذا طلّقها موصولاً، وعلى قول زفر -رحمه الله- تقع الثّلاث (١).

قوله -رحمه الله- (وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقَعَ الْمُضَافُ)، أي: المضاف أيضاً مع المنجز فيقعان، وفي «المنتقى» (٢): لو قال لها: إذا طلقتك فأنت طالق وإذا لم أطلقك فأنت طالق، فمات قبل أن يطلق يقع عليها طلاقان؛ لأنّه لما مات قبل التّطليق صار حانثًا في اليمين الثّانية، فيقع عليه الطّلاق باليمين الثانية، وهذا الطّلاق يصلح شرطًا في اليمين الأولى؛ لأنّه وقع بكلام وجد بعد اليمين الأولى فيحنث في اليمينين جميعًا، فيقع عليها طلاقان، ولو قال: إذا لم أطلقك فأنت طالق، فمات قبل أن يطلق يقع تطليقة واحدة؛ لأنّه لما مات قبل التّطليق صار حانثاً في اليمين الاولى فيقع الطّلاق، وهذا الطّلاق لا يصلح شرطًا في اليمين الثّانية؛ لأنّه وقع بكلام وجد قبل اليمين الثّانية والشّروط تراعى في المستقبل، لا في الماضي هكذا ذكر في «المنتقى» (٣).

ولم يذكر فيه خلافاً، وعلى قياس قولهما ينبغي أن لا ينتظر الموت، بل كما سكت يحنث في قوله: إذا لم أطلقك فأنت طالق - كذا في «الجامع الصّغير» (٤) لقاضي خان رحمه الله -.

قوله -رحمه الله-: وَأَخَوَاتُهُ. وهي نحو قوله: حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَوَهُوَ لَابِسُهُ، ولا يركب هذه الدّابة وهو راكبها، فنزعه في الحال وينزل منها لا يحنث، وإن كان اللبس القليل يوجد وقت اشتغاله بالنّزع فيحمل عليه، وَإِذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ يَمْتَدُّ كَالصَّوْمِ وَالْأَمْرِ بِالْيَدِحتّى إذا قال: أنت طالق إذا صمت يومًا، طلقت في اليوم الذي يصوم حين تغيب الشّمس، ولو قال: أمرك بيدك (٥) يوم تقدم فلان، فقدم فلاناً] نهاراً (٦)، فلم تعلم به حتّى جن اللّيل قال لا خيار لها؛ لأنّ الأمر باليد ممّا تمتدّ فحمل على بياض النّهار، فإذا لم تعلم حتّى مضى فإنّما وقع العلم بعد انقضاء الأمر، فلم يبق الأمر في يدها على ما يجيء، والطّلاق من هذا القبيل هكذا وقع في عامّة النسخ ولكن الصّريح من النسخ (٧).


(١) يُنْظَر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٤/ ٣٥)، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٣/ ١٣٣).
(٢) المنتقى: في فروع الحنفية، للحاكم الشهيد أبي الفضل: محمد بن محمد بن أحمد. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٨٥١).
(٣) يُنْظَر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٤/ ٣٥)، والدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٢٧١).
(٤) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٧٧)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٠٧).
(٥) تفويض الطلاق جائز بالإجماع، وقال الحنابلة: إنها تملك ثلاثًا؛ لأنه اسم جنس مضاف، فيتناول جميع الطلقات، وقال الشافعية: ليس لها أن تطلق نفسها ثلاث إلا إذا نوى. يُنْظَر: روضة الطالبين (٨/ ٥١)، المغني (٤/ ٤٦٥).
(٦) زيادة في (ب).
(٧) انظر: فتح القدير للكمال ابن الهمام (٤/ ٣٦)، والبناية شرح الهداية (٥/ ٣٣٠).