للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتزوّج من هذا القبيل لوجوه:

أحدها: أنّه هكذا وجدت مصحّحًا بخطّ شيخي [٣٣٠/ أ] وغيره، والثّاني: أنّه اعتبر في الكتاب من وزان هذه المسألة فعل الشّرط لا فعل الجزاء، فقال في باب اليمين في الكلام من كتاب إيمان هذا الكتاب وقال: (وَلَوْ قَالَ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَأَمْرَأَتْهُ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)، إلى أن قال: وَالْكَلَامُ لَا يَمْتَدُّ ولم يقل والطّلاق لا يمتد، وإن كان حكمها واحد.

والثّالث: أن ذكر الفعل إنّما يستقيم من غير تأويل في أتزوّجك، لا في أنت طالق.

والرّابع: أن ذكر القِرَان في قوله: (إذَا قُرِنَ)، يدل على أنّ المراد به التزوّج لا الطّلاق؛ لأنّ المقارنة بين اليوم والتزوّج أكثر من المقارنة بين اليوم والطّلاق؛ لأن اليوم والتزوّج يقترنان على وجه الإضافة والمضاف مع المضاف إليه كشيء واحد.

فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا قال: والله لا أكلِّم فلاناً اليوم ولا غدًا ولا بعد غد، فله أن يكلّمه باللّيل، ولا يحنث مع أنّ الكلام فعل غير ممتدّ على ما ذكرت من رواية الكتاب، وقد اقترن باليوم فلم يحمل على مطلق الوقت.

وكذلك لو قال: لا يكلّمه في كلّ يوم، لا يدخل اللّيلة حتّى لو كلّمه ليلاً لا يحنث، والمسألتان في «تتمة الفتاوى» (١).

قلت: أمّا في المسألة الأولى فقد أريد النّهار باليوم، بدلالة إعادة حرف النّفي عند ذكر الغدر، وإلا لا يكون لذكر حرف النّفي فائدة حتى لو لم يعد، وقال: والله لا أكلّمه اليوم وغدًا وبعد غد، يدخل اللّيلة، فصار بمنزلة قوله: لا أكلّمه ثلاثة أيّام.

وأمّا في مسألة الثّانية فذكر كلمة في لتحديد الكلام على ما ذكرنا في قوله: أنت طالق في كلّ يوم والتّحديد إنّما يتحقّق إن لو لم يتناول ذكر اليوم لمطلق الوقت؛ لأنّه يكون للاستمرار لا للتحديد، ألا ترى أنّه لو قال: لا أكلّمه كلّ يوم دخلت اللّيلة، حتّى لو كلّمه ليلاً أو نهاراً يحنث في يمينه إلى هذا أشار في الذّخيرة (٢).


(١) تتمة الفتاوى للإمام، برهان الدين: محمود بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي، صاحب: (المحيط). وهو زيادة على كتاب الصدر الشهيد حسام الدين، الفتاوى الكبرى الذي جمع فيه ما وقع إليه من الحوادث، والواقعات. ثم إنمحمود بن أحمد بن عبد العزيز زاد على كل جنس ما يجانسه. وذيل على كل نوع ما يضاهيه، وهو غير مطبوع فيما أعلم. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (١/ ٣٤٣).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٢٨٩).