للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنوء: جمع انواء، وهي: كواكب تستمطر بها العرب (١)، فقول ابن عبّاس -رضي الله عنه-: خطأ الله نوءها أي: جعل هذا النوء لا تصيب أرضها، شبّه تفويض الرجل التطليق إليها بالنوء الذي يستمطر به، وشبه بطلان ذلك بتطليقها زوجها بالمطر، الذي ينزل ولا يصيب أرضها، بل يتعداها وخطأ الشّيخ الإمام نجم الدّين عمر النسفي (٢) -رحمه الله- خطأه، وصوّبه صاحب الفائدة-كذا «الفوائد الظهيرية» وغيرها (٣) -.

وذكر في «المغرب» (٤) (٥) في حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما: «خطأ الله نوءها إلا طلقت [٣٣٠/ ب] نفسها» أي: جعله مخطئاً لا يصيبها مطره، وهذا إنكار لفعلها، ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح: "أخطأ نوءك"، ويروى خطي بالألف اللينة من الخطيطة، وهي الأرض التي لم تمطر، وأصله خطط فعليه الطاء الثّالثة تاء، وأمّا خط فلم يصح ولأنّ معنى الطّلاق هو الإطلاق والإرسال وقيد الملك في جانبها لا في جانبه.

ألا ترى أنّها لا تتزوّج بغيره، والزّوج يتزوّج بغيرها، فلا يتحقّق الإرسال في جانبه، ولهذا يكون بالوقوع عليها لا عليه، وإنّما هو مطلق لها كما يكون المولى معتقاً لعبده، ولو قال: أنا حرّ منك لم يعتق العبد، فكذلك الطّلاق وبه فارق لفظ البينونة] والحرمة؛ لأنّ البينونة (٦) قطع للموصلة والوصلة بينهما، ألا ترى أنّه يقال: بان عنها] وبانت عنه (٧)، وكذلك الحرمة والذي يقول: الملك مشترك، كلام لا معنى له، بل الملك للزوج عليها خاصّة حتّى يتزوج المسلم الكتابية ولا يتزوج الكتابي المسلمة (٨).


(١) انظر: غريب الحديث للقاسم بن سلام (٤/ ٢١١).
(٢) عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، نجم الدين، النسفي من أهل نسف، سكن سمرقند، إمام فقيه فاضل، عارف بالمذهب، والأدب، صنف التصانيف في الفقه والحديث ونظم "الجامع الصغير"، وجعله شعراً، وتوفي بسمرقند، سنة سبع وثلاثين وخمسمائة. انظر: تاريخ بغداد وذيوله (٢٠/ ٩٩)، التحبير في المعجم الكبير (١/ ٥٢٧)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ٢٢٠).
(٣) يُنْظَر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (٣/ ٣٠٣)، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٠٨).
(٤) المغرب في ترتيب المعرب المؤلف: ناصر بن عبد السيد أبى المكارم الخوارزمي المُطَرِّزِىّ، وهو كتاب لغة، شرح فيه مؤلفه الألفاظ الفقهية الواردة في كتب الأحناف، الناشر: دار الكتاب العربي. ينظر: أسماء الكتب المتمم لكشف الظنون (ص: ٥٠).
(٥) يُنْظَر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: ١٤٧).
(٦) سقط من (ب).
(٧) زيادة في (ب).
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٦/ ٧٨).